وأما كون الزكاة لا تجب في سائر الثمر مثل: الجوز والخوخ والأجاص والكمثرى والمشمش والتين ونحو ذلك فلأنها ليست مكيلة.
وقد روي «أن عامل عمر كتب إليه في كروم فيها من الفرسك والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافاً. فكتب إليه عمر أنه ليس عليها عشر هي من العضاة»(١) رواه الأثرم.
والفرسك: الخوخ.
وأما كونها تجب في الزيتون والقطن والزعفران على روايةٍ: أما في الزيتون فلقوله تعالى: {والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده}[الأنعام: ١٤١].
وأما في القطن والزعفران فلأن ذلك موزون ومدخر تام المنفعة والوزن أقيم مقام الكيل لاتفاقهما في عموم المنفعة.
وأما قول المصنف رحمه الله: إذا بلغا بالوزن نصاباً؛ فتنبيه على أن نصاب القطن والزعفران ألف وستمائة رطل بالعراقي.
ولأن وزنه أقيم مقام كيله فاعتبر به ذكره القاضي في المجرد.
وحكي عن الإمام أحمد أن نصاب ذلك ما يبلغ قيمته قيمة نصاب من أدنى المعشرات لأن ذلك لا توسيق فيه وقد جعل الشارع لمن صار إليه من أرضه خمسة أوسق من أدنى المعشرات نصاباً تجب فيه المواساة فوجب أن تعتبر القيمة به فيما لا توسيق فيه كما اعتبرت القيمة في العروض بنصاب الذهب والفضة.
والأصح في ذلك كله عدم الوجوب لما تقدم. والآية التي تمسك بها على الوجوب للزكاة في الزيتون ليس المراد به الزكاة لأنها مكية نزلت قبل وجوب الزكاة ولهذا لم تجب الزكاة في الرمان.
وأما قيام الوزن مقام الكيل فلم يرد به نص، ولا يصح قياسه على الكيل لأن العلة غير معقولة فيه.
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤: ١٢٥ كتاب الزكاة، باب لا تؤخذ صدقة شيء من الشجر غير النخل والعنب.