للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون من احتقن يفسد صومه فلأن ذلك يصل إلى الجوف أشبه الأكل.

ولأنه إذا بطل بالسعوط فبذلك أولى.

وأما كون من داوى الجائف بما يصل إلى جوفه يفسد صومه فلأن أوصل إلى جوفه شيئاً باختياره أشبه ما لو أكل.

وأما كون من اكتحل بما يصل إلى حلقه كالكحل الأسود والحاد يفسد صومه فلأن الحلق كالجوف.

ولأنه وصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله بفيه أشبه ما لو دخل من فيه.

وأما كون من أدخل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان؛ مثل أن يطعن نفسه ونحو ذلك يفسد صومه فلأنه أوصل إلى جوفه ما هو ممنوع عن إيصاله فوجب أن يفسد صومه كما لو أكل أو شرب. وأما كون من داوى المأمومة أو قطر في أذنه ما يصل إلى دماغه يفسد صومه فلأن الدماغ أحد الجوفين فأفسد الصوم ما يصل إليه كالآخر. وأما كون من استقاء. وهو: أن يستدعي القيء يفسد صومه؛ فلما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض» (١) رواه أبو داود. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وأما كون من استمنى. وهو: أن يستخرج المني بكفه يفسد صومه فلأنه إذا فسد بالقبلة المقترنة بالإنزال فلأن يفسد بالاستمناء بطريق الأولى. وأما كون من قبل فأمنى يفسد صومه فلما روي عن عمر أنه قال: «قلت: يا رسول الله! صنعت اليوم أمراً عظيماً فقبلت وأنا صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيتَ لو تمضمضت من إناء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس به. قال: فمه» (٢) رواه أبو داود. شبّه القبلة بالمضمضة، والمضمضة إذا لم يكن معها نزول الماء لم يفطر، وإن كان معها نزول أفطر.

وأما كون من لمس فأمنى يفسد صومه فلأن اللمس كالقبلة لاشتراكهما في المباشرة المؤدية إلى المني.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٢٣٨٠) ٢: ٣١٠ كتاب الصوم، باب الصائم يستقيء عامداً.
وأخرجه الترمذي في جامعه (٧٢٠) ٣: ٩٨ كتاب الصوم، باب ما جاء فيمن استقاء عمداً.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٢٣٨٥) ٢: ٣١١ كتاب الصوم، باب القبلة للصائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>