للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما كون المرأة لها الاعتكاف في كل مسجد غير مسجد بيتها فلأن اشتراط مسجد الجماعة في حق الرجل لأجل وجوب الجماعة عليه وذلك مفقود في المرأة.

وأما كونها ليس لها الاعتكاف في مسجد بيتها وهو الموضع الذي جعلته للصلاة من بيتها فلأنه لو جاز ذلك لاعتكف أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوتهن ولو مرة واحدة تبييناً للجواز.

وأما كون الأفضل الاعتكاف في الجامع إذا كانت الجمعة تتخلله فلأنه لا يحتاج إلى الخروج إلى الجمعة.

وتقييد المصنف رحمه الله الأفضلية بتخلل الجمعة الاعتكاف مشعر بأنه إذا لم يتخلله لم يكن الجامع أفضل من غيره لأن مدة الاعتكاف إذا كانت لا يتخللها الجمعة لا يحتاج إلى الخروج فاستوى الجامع وغيره إذن، وكونه أفضل يتضمن جواز الاعتكاف في غيره من المساجد لأنه مسجد تقام فيه الجمعة فيصح الاعتكاف فيه كمسجد الجامع.

فعلى هذا إذا فعل وجب عليه الخروج إلى الجمعة لأنها فرض عين فتقدم على الاعتكاف، ولو كان الاعتكاف منذوراً لم يبطل لأنه خروج لواجب فلم يبطل بذلك كالمعتدة تخرج لقضاء العدة.

ولأنه لو ندر أياماً فيها جمعة خرج إليها وصار كأنه استثنى الجمعة أشبه ما لو استثنى بلفظ.

قال: (ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فله فعله في غيره، إلا المساجد الثلاثة).

أما كون من نذر ما ذكر في مسجدٍ له فعله في غيره إلا المساجد الثلاثة فلأن الله تعالى لم يعين لأداء الفرض موضعاً فلم يتعين بالنذر.

وأما كون ما ذكر في أحد المساجد الثلاثة ليس له فعله في غيرها فلقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجدِ الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (١) متفق عليه.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١١٣٢) ١: ٣٩٨ أبواب التطوع، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٣٩٧) ٢: ١٠١٥ كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>