للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما معنى إمكان المسير فهو أن الشروط المشترطة في الحج إذا اجتمعت في زمن ينبغي أن يكون ذلك الزمن واسعاً للسفر من موضعه إلى مكة. مثل أن تجتمع الشروط للدمشقي في أول شوال فإن لم يكن الزمن واسعاً لم يكن المسير في تلك السنة ممكنا.

وأما معنى تخلية الطريق فأن تكون آمنة موجوداً فيها الماء والعلف على المعتاد.

وأما كونها آمنة فلأنها إذا كانت خائفة يكون معذوراً في القعود لما في المسير من احتمال الضرر.

فإن كان الأمن يحصل ببذل شيء خفارة نظرت فيه فإن كانت كثيرة لم تلزمه لأن في بذل ذلك ضرراً فلم يلزمه لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (١).

وإن كانت يسيرة فالمذهب أنه لا يلزمه بذلها لأن فيه صغاراً.

وقال ابن حامد: إن كانت الخفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها لأنها غرامة يقف إمكان الحج على بذلها فلم يمنع الوجوب مع إمكان بذلها كثمن الماء وعلف البهائم.

قال رحمه الله: (ومن وجب عليه الحج فتوفي قبله أُخرج عنه من جميع ماله حجة وعمرة. فإن ضاق ماله عن ذلك أو كان عليه دين أخذ للحج بحصته وحج به من حيث يبلغ).

أما وجوب إخراج حجة وعمرة من مال من وجب عليه الحج ثم توفي قبل فعله فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عمن عليه حج. قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم. قال: فاقض فالله أحق بالوفاء» (٢) رواه النسائي.

شبّه الحج بالدين وسوّاه به فوجب أن يخرج من ماله كالدين.

وأما كون ذلك من جميع المال فلأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالدين والدين يجب من جميع المال فكذا المشبه.

وأما الأخذ بحصة الحج إذا ضاق مال الميت عن ذلك أو كان عليه دين فلأن الحج كالدَّين والدين مع الدين يقسم المال بينهما بالحصص فكذا الحج والدين.

وقال بعض أصحابنا: يقدم الدين على الحج لأنه حق آدمي مبني على الشح بخلاف الحج فإنه حق الله مبني على المسامحة.


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه (٢٣٤١) ٢: ٧٨٤ كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره. قال في الزوائد: في إسناده جابر الجعفي متهم.
(٢) أخرجه النسائي في سننه (٢٦٣٢) ٥: ١١٦ كتاب مناسك الحج، الحج عن الميت الذي نذر أن يحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>