للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ما يشترط في المَحْرَم فبلوغه وعقله لأن الصبي والمجنون لا يقومان بأنفسهما فكيف يَخرجان مع غيرهما.

وأما مضيها في حجتها وعدم صيرورتها محصرة إذا مات المحرم في الطريق فلأنها لا تستفيد بالتحليل شيئاً لأن رجوعها يكون بغير محرم.

ولأن المريض لما لم يستفد بالتحلل زوال الأذى لم يبح له التحلل كالمحصر فكذلك هاهنا.

قال رحمه الله: (ولا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره ولا نذره ولا نافلة. فإن فعل انصرف إلى حجة الإسلام. وعنه: يقع ما نواه).

أما عدم جواز حج من لم يحج عن نفسه إذا حج عن غيره فلما روى ابن عباس رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من شبرمة؟ قال: قريب لي. قال: حججت قط؟ قال: لا. قال: فاجعل هذه عن نفسك ثم حج عن شبرمة» (١) رواه أبو داود وابن ماجة، وهذا لفظه.

ولأنه حج عن غيره قبل الحج عن نفسه فلم يجز كما لو كان صبياً.

وأما عدم جواز حج من عليه حجة الإسلام عن نذره أو نافلة فلأن حجة الإسلام واجبة عليه فلم يجز أن يصرف فعله إلى غيرها كما لو أراد أن يحج عن غيره.

وأما انصراف ذلك إلى حجة الإسلام في الصور الثلاث على المذهب فلأنه أحرم بالحج وعليه فرضه فوجب أن يقع عن فرضه كما لو أطلق.

وأما وقوعه عما نواه من نذر أو نافلة على روايةٍ فلأنه نواه فيقع لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإنما لامرئ ما نوى» (٢).


(١) أخرجه أبو داود في سننه (١٨١١) ٢: ١٦٢ كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٢٩٠٣) ٢: ٩٦٩ كتاب المناسك، باب الحج عن الميت.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (١) ١: ٣ بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٩٠٧) ٣: ١٥١٥ كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>