للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رحمه الله: (وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من مكة أو من قريب منها في عامه.

والإفراد: أن يحرم بالحج مفرداً.

والقران: أن يحرم بهما جميعاً، أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج.

ولو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يصح إحرامه بها).

أما كون الإحرام بالعمرة في أشهر الحج فلأن ذلك قول جابر.

ولأنه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحج فلم يكن متمتعاً كالمفرد.

ولأنه لو حل في أشهر الحج لم يكن متمتعاً فكذلك إذا أحرم فيها.

وأما اعتبار الفراغ منها. ومعناه: أنه يَحِل من الإحرام بالعمرة قبل الإحرام بالحج فلأنه لو أحرم بالحج قبل الحل من العمرة لكان قارناً. واجتماع النسكين ممتنع.

وأما اعتبار الإحرام بالحج من مكة أو من موضع قريب منها فلما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: «إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع. وإن خرج ورجع فليس بمتمتع». وعن ابن عمر نحوه (١).

وأما اعتبار الإحرام بالحج من عامه فلأن الله تعالى قال: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} [البقرة: ١٩٦] إذ ظاهر ذلك يقتضي الموالاة بينهما.

ولأن العلماء أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه لا يكون متمتعاً فإذا لم يحج من عامه بطريق الأولى.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله أنه لا يشترط في المتمتع غير ذلك.

واشترط أبو الخطاب والقاضي أن ينوي التمتع في ابتداء العمرة أو أثنائها لأنه جمع بين عبادتين فافتقر إلى النية كالجمع بين الصلاتين.

وقال المصنف رحمه الله في المغني والكافي: ظاهر الآية يدل على عدم الاشتراط.

ولأن التمتع التَّرَفّه بأحد السفرين وهو موجود بدون النية.

وأما كون الإفراد أن يحرم بالحج مفرداً فلأن من أفرد من الصحابة هكذا فعل. ومنه حديث عائشة رضي الله عنها: «ومنا من أهل بحج» (٢).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٣٠٠٤) ٣: ١٥٢ كتاب الحج، في الرجل يعتمر في أشهر الحج ثم يرجع ثم يحج.
(٢) سبق تخريجه ص: ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>