للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه قال لعلي: ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال قلت: اللهم! إني أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن معي الهدي فلا تَحِل» (١) رواه مسلم.

فعلى هذا يفعل مثل ما يفعل من أحرم بمثل إحرامه لما تقدم في الحديث.

ولأنه جعل نفسه تبعاً له.

فإن لم يعلم بما أحرم به فلان كان كما لو نسي ما أحرم به فلان وسيذكر، وإن علم أن فلاناً لم يحرم أو شك هل أحرم أم لا؟ كان كما لو أطلق الإحرام. وقد تقدم.

قال رحمه الله: (وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد بأحدهما (٢)، وإن أحرم بنسك ونسيه جعله عمرة.

وقال القاضي: يصرفه إلى أيها (٣) شاء).

أما انعقاد الإحرام بإحدى الحجتين أو العمرتين إذا أحرم بهما فلأن انعقاد الإحرام بهما لا يمكن لتعذر أداء العبادتين في حالة واحدة، وإبطالهما مفضٍ إلى إبطال العمل المنوي فلم يبق إلا انعقاد أحدهما.

وأما جعل النسك عمرة إذا أحرم بنسك ونسيه على المذهب فلأنها أفضل.

ولأنه له أن يصرف الإفراد والقران إليها مع العلم فلأن يكون له أن يصرفهما مع الإبهام بطريق الأولى.

وأما صرفه إلى أيها شاء على قول القاضي فلأنه إن صادف ما أحرم به فقد أصاب، وإن صرفه إلى عمرة وكان إحرامه بغيرها جاز؛ لأن فسخه إليها جائز مع العلم فمع الجهل أولى، وإن صرفه إلى قران وكان إحرامه بعمرة فقد أدخل عليها الحج وهو جائز، وإن كان مفرداً فقد أدخل العمرة على الحج وهو لغو لا يفيد ولا يقدح في حجه كما لو فعله مع العلم، وإن صرفه إلى الإفراد وكان معتمراً فقد أدخل الحج على العمرة وصار قارناً ولا تبطل العمرة بترك نيتها لأنه ليس من شرط صحة العبادة استدامة النية فيها، وإن كان قارناً فهو على حاله كذلك.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) ٢: ٨٨٦ كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) في المقنع: بإحداهما.
(٣) في المقنع: أيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>