للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وجوب ذلك ففيه وجهان:

أحدهما: أنه واجب؛ لأن ابن عباس رضي الله عنهما ذكره حكماً للمجامع فكان واجباً كالقضاء.

والثاني: لا يجب؛ لأنه حج فلم يجب فيه مفارقة الزوجة كغير القضاء.

ولأن مقصود الفراق التحرز من إصابتها وهذا وهم لا يقتضي الوجوب.

فعلى هذا يكون مستحباً لأنه اختلف في وجوبه فأدنى أحواله أن يكون مستحباً.

فإن قيل: ما معنى التفرق؟

قيل: اجتناب الركوب معها على بعير واحد والجلوس معها في خباء، ولا بأس أن يكون قريباً منها يراعي أحوالها؛ لأنه محرمها.

قال: (وإن جامع بعد التحلل الأول لم يفسد حجه ويمضي إلى التنعيم فيُحرم ليطوف وهو محرم. وهل تلزمه بدنة أو شاة؟ على روايتين).

أما عدم فساد حج من جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني فلأن الحج عبادة لها تحللان فوجود المفسد بعد أولهما لا يفسد كالصلاة.

وأما مضيه إلى التنعيم فلأن إحرامه فسد؛ لأنه وطء صادف إحراماً فأفسده كما قبل التحلل الأول، والطواف لا يصح إلا في إحرام صحيح؛ لأنه ركن فوجب أن يأتي به في إحرام صحيح كالوقوف.

واعلم أن المراد من فساد الإحرام بقيته لا فساد كله؛ لأنه لو فسد كله كان يلزم منه وقوع الوقوف في غير إحرام.

فعلى هذا يُحرم من الحل ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم.

فإن قيل: ظاهر كلام المصنف رحمه الله يقتضي أنه يحرم من التنعيم ولا بد؟

قيل: ليس مراده ذلك بدليل أنه قال في المغني قول الخرقي يحرم من التنعيم لم يذكر ليتعين الإحرام منه بل لأنه حِلّ فمن أي حِلٍّ أحرم جاز.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا أنه إذا أحرم لا يجب عليه إلا الطواف لأنه اقتصر عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>