للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال صاحب النهاية فيها: منشأ الخلاف -يعني بين القاضي والخرقي- أن الوطء هل هو من قبيل الاستمتاعات أم من قبيل الاستهلاكات؟

فعلى هذا إن قيل أنه من قبيل الاستمتاع وجب أن يكون كفارته على التخيير لأن اللبس والطيب استمتاع، وهما على التخيير على الصحيح.

وإن قيل: أنه من قبيل الاستهلاكات وجب أن يكون على الترتيب على الصحيح.

فإن قيل: هي على الترتيب لم يجز أن يخرج واحد مما ذكر مع وجود الذي قبله.

وإن قيل: هي على التخيير فله التكفير بما شاء من الخمسة؛ لأن هذا شأن الواجب المخيرة.

إذا تم شرح كلام المصنف رحمه الله فاعلم أن الانتقال من البدنة إلى الصيام لم أجد به قولاً لأحمد ولا لأحد من الأصحاب وكأنه والله أعلم قد اختاره لما فيه من موافقة العبادلة إلا أن فيه نظراً نقلاً وأثراً.

أما النقل فهو أن المصنف رحمه الله قال في المغني في مسألة: وإن وطئ المحرم في الفرج فأنزل أو لم ينزل فسد حجهما وعليه بدنة ويجب على المجامع بدنة. روي ذلك عن ابن عباس، فإن لم يجد فشاة. وأيضاً فإنه هنا شبّه فدية الوطء بفدية المتعة، والشبه إنما يكون في ذات الواجب أو في نفس الانتقال. ويرد على الأول أنه لا يجب فيها بدنة بل شاة وعلى الثاني أنه لا يجوز الانتقال في المتعة مع القدرة على الشاة.

وأما الأثر فإن المروي عن العبادلة أن من أفسد حجه أفتوه إذا لم يجد الهدي انتقل إلى صيام عشرة أيام ولا يلزم في حق من لم يجد بدنة أن يقال عنه لم يجد الهدي لأنه قد لا يجد بدنة ويجد بقرة أو شاة.

قال: (ويجب بالوطء في الفرج بدنة إن كان في الحج وشاة إن كان في العمرة. ويجب على المرأة مثل ذلك إن كانت مطاوعة، وإن كانت مكرهة فلا فدية عليها. وقيل: يلزمها كفارة يتحملها الزوج عنها).

أما وجوب البدنة بالوطء في الحج؛ فلأن ذلك يروى عن ابن عباس (١).


(١) سبق تخريجه ص: ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>