للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى أصح؛ لأن الجمع بين الحديثين أولى. فيجب حمل قوله: «الماء طهور» على الكثير.

فإن قيل: فلِمَ يَنْجُس القليل إذا تغير إن لم يتناوله الحديث؟

قيل: بالقياس على الكثير بل بطريق الأولى لأنه إذا نجس الدافع عن نفسه فأولى أن ينجس غير الدافع.

ولأنه [إذا] (١) نجس بمجرد الملاقاة وإن لم يتغير؛ فلأن ينجس بالتغير بطريق الأولى.

وأما كون الماء الكثير إذا كانت النجاسة المخالطة له غير بول آدمي أو عذرته: الماء يعد طاهرًا فلما تقدم من قوله عليه السلام: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا» (٢). ومن قوله عليه السلام: «الماء طهور لا ينجسه شيء ... الحديث» (٣).

وأما كونه لا ينجس إذا كانت النجاسة بول آدمي أو عذرته المائعة وكان الماء الكثير مما يمكن نزحه على روايةٍ فلعموم الحديثين المتقدمين.

وأما كونه ينجس على روايةٍ فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه» (٤) متفق عليه.

والأولى أصح؛ لأن خبر البول لا بد من تخصيصه فيخص بخبر القلتين (٥).

ولأن البول كغيره من النجاسات في سائر الأحكام فكذلك في تنجيس الماء.

وأما كونه لا ينجس رواية واحدة إذا كان مما لا يمكن نزحه؛ فلأن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف إلى ما كان بأرضه في عهده من (٦) آبار المدينة.

ولأن نجاسه ذلك بما ذكر تؤدي إلى الحرج والمشقة. وذلك منتف شرعًا.


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) سبق تخريجه ص: ١٠٥.
(٣) سبق تخريجه ص: ١٠٢.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٣٦) ١: ٩٤ كتاب الوضوء باب البول في الماء الدائم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢٨٣) ١: ٢٣٦ كتاب الطهارة باب النهي عن الاغتسال في الماء الراكد.
(٥) سبق ذكره وتخريجه ص: ١٠٥.
(٦) في ب في.

<<  <  ج: ص:  >  >>