للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه كل مرة طائف بهما فينبغي أن يحسب ذلك مرة كما إذا طاف بجميع البيت فإنه يحتسب به مرة.

وأما افتتاحه بالصفا؛ فلما تقدم من «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دنى من الصفا قرأ: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: ١٥٨] بدأ بالصفا وقال: ابدأوا بما بدأ الله به» (١).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «قال الله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} [البقرة: ١٥٨] فبدأ بالصفا وقال: اتبعوا القرآن فما بدأ به القرآن فابدأوا به».

وأما اختتامه بالمروة فلما تقدم من قوله: «فلما كان آخر طوافه على المروة» (٢).

ولأنه يلزمه بالبداءة بالصفا والاعتداد بالذهاب مرة والرجوع مرة الاختتام بالمروة.

وأما عدم الاحتساب بالشوط إذا بدأ من المروة فلأن الشوط مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره فلم يحتسب به كالصلاة في الدار المغصوبة.

قال: (ويستحب أن يسعى طاهراً مستتراً متوالياً. وعنه: أن ذلك من شرائطه).

أما استحباب سعيه مستتراً متوالياً فلأن ذلك مختلف في وجوبه فاستحب فعله لما فيه من الخروج من العهدة.

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سعى كذلك وأدنى أحواله حمله على الاستحباب.

وأما اشتراط ذلك ففيه روايتان:

أحدهما: يشترط؛ لأنه أحد الطوافين فاشترط فيه ذلك كالطواف بالبيت.

والرواية الثانية: لا يشترط شيء من ذلك وهي المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين حاضت: «اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» (٣).

ولأن السعي عبادة لا تتعلق بالبيت فلم يشترط فيها شيء من ذلك كالوقوف بعرفة.


(١) سبق ذكره ص: ١٨١.
(٢) سبق تخريجه قبل قليل.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٥٢٣٩) ٤: ٢١١٣ كتاب الأضاحي، باب من ذبح ضحية غيره.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٢١١) ٢: ٨٧٣ كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام ...

<<  <  ج: ص:  >  >>