للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة، ثم ينزل فيصلي بهم الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان وإقامتين).

أما خروجه إلى منى إلى آخره فلأن في حديث جابر رضي الله عنه: «فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ومكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شَعر تُضرب له بنمرة. فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضُربت له بنمرة. فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرُحِّلَتْ له. فأتى بطن الوادي فخطب الناس. ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم لم يصل بينهما شيئاً» (١).

وأما تعليم الناس في الخطبة الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة فليذكر العالم ويتعلم الجاهل.

وأما الجمع فظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا أنه يجوز لكل من حضر عرفة من مكة وغيرها وصرح به في المغني، وعلله بأن النبي صلى الله عليه وسلم جَمَع وجَمَع الناس معه ولم يأمر المكيين بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال: «أتموا فإنا سفر» (٢). ولو حرم الجمع لبينه لهم؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وبـ «أن عثمان كان يتم الصلاة» لأنه اتخذ بمكة أهلاً ولم يبلغنا أنه ترك الجمع ولو تركه لنقل كما نقل الإتمام.

وقال أصاحبنا القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل: يختص بمن بينه وبين وطنه مسافة القصر؛ لأن سبب الجمع السفر الطويل فلا يجوز إلا حيث وجد سببه.

ولأن الجمع كالقصر والقصر يختص بمن ذكر فكذا الجمع.

قال: (ثم يروح إلى الموقف. وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة. وهي من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر).

أما رواحه إلى عرفة إذا رحل من نمرة فلأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل (٣).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) ٢: ٨٨٦ كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (١٢٢٩) ٢: ٩ كتاب صلاة السفر، باب متى يتم المسافر.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) ٢: ٨٩١ كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>