للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ثم يبيت بها فإن دفع قبل نصف الليل فعليه دم، وإن دفع بعده فلا شيء عليه، وإن وافاها بعد نصف الليل فلا شيء عليه، وإن جاء بعد الفجر فعليه دم).

أما بيتوتته بمزدلفة فلأن المبيت بها واجب «لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها» (١) وقال: «خذوا عني مناسككم» (٢).

ولأنه صلى الله عليه وسلم سماها موقفاً بقوله في حديث جابر: «المزدلفة كلها موقف» (٣).

وأما وجوب الدم على من دفع قبل نصف الليل فلأن مبيت كل الليل أو أكثر واجب، وكلاهما مفقود فيمن ذكر فيكون تاركاً للمبيت بها فيجب عليه دم لتركه الواجب في الحج.

وأما عدم وجوب شيء على من دفع بعد نصف الليل فلأنه بات معظم الليل وحكم المعظم حكم الكل فلم يكن تاركاً للواجب. وفي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت» (٤) رواه أبو داود.

وعن أسماء رضي الله عنها «أنها نزلت ليلة جمع عند دار المزدلفة فقامت تصلي فصلت. ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا فارتحلنا ومضت حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هَنْتَاهُ! ما أُرانا إلا قد غَلَّسْنَا. قالت: كلا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظُّعن» (٥) متفق عليه.

وإذا لم يكن واجباً لم يجب عليه الدم؛ لأنه فعل فعلاً جائزاً وذلك لا يوجب دماً كسائر الأفعال الجائزة.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٨) ٢: ٨٨٦ كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
(٢) سبق تخريجه ص: ١٧٢.
(٣) أخرجه أبو داود في سننه (١٩٠٧) ٢: ١٨٧ كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه (١٩٤٢) ٢: ١٩٤ كتاب المناسك، باب التعجيل من جمع.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه (١٥٩٥) ٢: ٦٠٣ كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ...
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٢٩١) ٢: ٩٤٠ كتاب الحج، باب استحباب تقديم الضعفة من النساء وغيرهن ...

<<  <  ج: ص:  >  >>