للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى قولنا هو نسك هل يجب عليه دم إذا أخره عن أيام منى؟ فيه روايتان:

أحدهما: لا دم عليه لأن الله تعالى قال: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} [البقرة: ١٩٦] فبين أول وقته ولم يخصه فيما بعد ذلك بوقت.

ولأنه نسك فلم يكن عليه دم بتأخيره كالسعي.

والثانية: عليه دم؛ لأنه ترك النسك في وقته أشبه تأخير الرمي.

والأول أولى لما ذكر.

وعلى قولنا هو إطلاق من محظور هو مخير بين فعله في أيام منى وبين تأخيره وبين تركه والأخذ من بعضه دون بعض؛ لأنه ليس بواجب أشبه سائر ما ليس بواجب.

وأما قول المصنف رحمه الله: ويحصل التحلل بالرمي وحده فيحتمل أنه معطوف على قوله: لا شيء في تركه فيكون من تكملة قوله: وعنه أنه إطلاق من محظور.

فعلى هذا يكون حصول التحلل بالرمي وحده على قولنا: الحلق إطلاق من محظور لا على قولنا: هو نسك، ويعضده قوله فيما تقدم: ثم قد حل له كل شيء إلا النساء؛ لأن ظاهره أن التحلل إنما يحصل بالرمي والحلق معاً؛ لأنه ذكر التحلل بلفظ ثم بعد ذكر الرمي والحلق، ويحتمل أنه مستقل وأن التحلل يحصل بالرمي وحده وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله. وفي الجملة فيما يحصل به التحلل روايتان:

أحدهما: لا يحصل إلا بهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عائشة رضي الله عنها: «إذا رمى أحدكم جمرة العقبة وحلق رأسه فقد حل له كل شيء إلا النساء» (١) رواه الأثرم. رتب الحِل عليهما فلا يحصل إلا بهما.

ولأنهما نسكان يعقبهما الحل فكان حاصلاً بهما كالطواف والسعي في العمرة.

والرواية الثانية: أنه يحصل بالرمي وحده.

قال المصنف رحمه الله في المغني: هذا هو الصحيح.

ولأن في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا يوم رخص لكم فيه إذا رميتم الجمرة أن تحلوا من كل شيء حرم فيه إلا النساء» (٢).


(١) سبق تخريجه ص: ١٩٩.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (١٩٩٩) ٢: ٢٠٧ كتاب المناسك، باب الافاضة في الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>