للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (ثم يفيض إلى مكة ويطوف للزيارة، ويُعَيِّنه بالنية، وهو: الطواف الواجب الذي به تمام الحج، وأول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر، والأفضل فعله يوم النحر، فإن أخره عنه وعن أيام منى جاز).

أما إفاضته إلى مكة بعد خطبته بمنى وطوافه للزيارة فلأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل. قالت عائشة رضي الله عنها: «حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر» (١) متفق عليه.

وأما تعيينه بالنية فلأن الطواف بالبيت صلاة والصلاة لا تصح إلا بنية معينة.

وأما كون الطواف المذكور هو الواجب فلأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَلْيَطّوَفُوا بالبيت العتيق} [الحج: ٢٩].

وعن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد من صفية ما يريد الرجل من أهله. فقلت: يا رسول الله! إنها حائض. قال: أحابستنا هي؟ قالوا: يا رسول الله! أفاضت يوم النحر. قال: اخرجوا» (٢) رواه البخاري.

وأما كونه هو الذي به تمام الحج فلأنه لم يبق من أركان الحج سواه فإذا أتى به حصل تمام الحج.

فإن قيل: في لفظ الحديث المتقدم: «من صلى صلاتنا وإلى قوله: وكان قد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه» (٣) ولم يذكر الطواف.

قيل: المراد بذلك أن من وقف بعرفة لم يبق حجه متعرضاً للفوات؛ لأن الطواف وإن كان ركناً لكنه ليس له وقت معين يفوت بفواته لا أنه لم يبق له شيء من أركانه.

وأما كون أول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر فـ «لأن أم سلمة رضي الله عنها رمت ثم طافت ثم رجعت فوافت النبي صلى الله عليه وسلم عند جمرة العقبة وبينها وبين مكة فرسخان».


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٤١٤٠) ٤: ١٥٩٨ كتاب المغازي، باب حجة الوداع.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٢١١) ٢: ٩٦٥ كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤١٤٠) ٤: ١٥٩٨ كتاب المغازي، باب حجة الوداع.
(٣) سبق تخريجه ص: ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>