للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن هذا الطواف هو طواف الوداع فإذا لم يطف بعد ما ذكر لم يكن وداعاً في العادة فلم يجزؤه كما لو طافه عند قدومه إلى مكة.

قال: (ومن أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج أجزأه عن طواف الوداع، فإن خرج قبل الوداع رجع إليه، فإن لم يمكنه فعليه دم، إلا الحائض والنفساء لا وداع عليهما).

أما إجزاء طواف الزيارة عن طواف الوداع إذا طافه عند الخروج فلأنه أُمِرَ أن يكون آخر عهده بالبيت وقد فعل ذلك.

ولأن ما شرع للمسجد يجزئ عنه الواجب من جنسه كتحية المسجد وركعتي الإحرام وركعتي الطواف يجزئ عنهما المكتوبة.

وأما رجوعه إلى الوداع إذا خرج قبله مع الإمكان وهو المسافة القريبة مع عدم خوف على نفس أو مال أو فوات رفقة فلأنه أمكنه الإتيان بالواجب من غير مشقة فلزمه كما لو كان بمكة.

وأما عدم رجوعه مع عدم إمكانه فلما يلحقه من المشقة أشبه ما لو رجع إلى بلده.

وأما وجوب الدم عليه فلأنه ترك واجباً في الحج أشبه ترك الرمي.

وأما عدم الوداع على الحائض والنفساء فلأنه لا يجب عليهما وداع لما تقدم من قوله: «إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» (١) والنفساء مثلها. قال: (وإذا فرغ من الوداع وقف في الملتزم بين الركن والباب فقال: اللهم! هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى، وإلا فمُنّ الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي، غير مستبدل بك ولا بيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك. اللهم! فاصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خير الدنيا والآخرة إنك


(١) سبق تخريجه في الحديث قبل السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>