للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث: فعل الصحابة - رضي الله عنهم -، حيث أنهم لما فتحوا بلاد المجوس أكلوا من جبنهم، ومعلوم أن الجبن إنما يصنع من إنفحة ذبائحهم، وهي حرام نجسة لا تحل (١).

ومما يؤيد ذلك أن الصحابي الجليل سلمان الفارسي (٢) - رضي الله عنه -، لما كان نائباً على المدائن يدعو الفرس للإسلام سئل عن شيئ من الجبن فقال: (الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) (٣).

وجه الدلالة:

أنه من المعلوم لم يكن السؤال عن جبن المسلمين وأهل الكتاب لأن ذبائحهم حلال، فكذلك جبنهم، وإنما كان السؤال عن جبن المجوس، فدل ذلك على أن سلمان كان يفتي بحلها (٤).

ونوقش:

أن مايقع من الإنفحة في اللبن المجبن يسير، واليسير معفو عنه (٥).

الدليل الرابع: أن اللبن لا يموت ولا يحرمه موت الشاة (٦).

ونوقش:

بأنه غير مسلم فإنه نجس لكونه في وعاء نجس (٧).


(١) انظر: المغني (١/ ٥٥)، شرح العمدة (١/ ١٣٠)، الفتاوى الكبرى (١/ ٢٧١).
(٢) وسلمان الفارسي هو: أبو عبد الله يقال له سلمان الخير، أصله من فارس كان أبوه ذا رئاسة، وخرج يطلب الهدى، فأسر واسترق وقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأسلم وجاهد معه، وهو الذي أشار بحفر الخندق ولي إمرة المدائن حتى توفي سنة ٣٦ هـ، انظر: الإصابة (٢/ ٦٠)، والاستيعاب (٢/ ٦٣٤) والأعلام (٣/ ١٦٩).
(٣) أخرجه الترمذي مرفوعاً وموقوفاً، في كتاب اللباس، باب ماجاء في لبس الفراء (٤/ ٢٢٠) ح (١٧٢٦) وقال: كأن الحديث الموقوف أصح.
(٤) انظر: الفتاوى الكبرى (١/ ٢٧١).
(٥) انظر: المغني (١/ ٥٥).
(٦) انظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٤٨).
(٧) انظر: الفتاوى الكبرى (١/ ٢٧١).

<<  <   >  >>