للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: أنه القول التي تجتمع فيه الأدلة ولا تتعارض، وإذا أمكن الجمع تعين المصير إليه، وهو ممكن هنا بحمل أحاديث النهي على ما إذا كان ذلك في الفضاء، وحمل أحاديث الجواز على ما كان في البنيان (١)، ولهذا أخذوا بأدلة من قال بالجواز (٢)، وبأدلة من قال بالتحريم (٣)، فاجتمعت أدلة الأقوال كلها في هذا القول.

الدليل الثاني: ما رواه مروان الأصفر (٤) قال: (رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، أليس قد نهي عن هذا؟ قال: إنما نهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس) (٥).

وجه الدلالة:

أنه تفسير من الصحابي (ابن عمر) لنهي رسول الله ^ العام، وفيه جمع بين الأحاديث فيتعين المصير إليه (٦).

الدليل الثالث: أنه تلحقه مشقة في اجتناب القبلة في البناء دون الصحراء، ولم يجعل الله سبحانه علينا عسراً ولا حرجاً في ديننا، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها (٧).


(١) انظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٣)، المغني (١/ ٢٢١)، المجموع (٢/ ٨٢).
(٢) كحديث جابر وعائشة وابن عمر -رضي الله عنهم-، ستأتي قريباً.
(٣) كحديث سلمان، وأبي هريرة، وأبي أيوب -رضي الله عنهم-، المتقدمة في القول الأول.
(٤) هو مروان بن خاقان وقيل: سالم، الأصفر، أبو خليفة البصري، ثقة، من الطبقة الرابعة. ترجمته في: تهذيب التهذيب (١٠/ ٩٨)، تقريب التقريب (٢/ ٢٤٠) برقم ١٠٢٧.
(٥) رواه أبو داود، في كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة (١/ ٢٠) برقم ١١، والدارقطني (١/ ٥٨)، والحاكم (١/ ١٥٤)، والبيهقي (١/ ٩٢)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه الحازمي في الاعتبار: ٢٦.
(٦) انظر: المغني (١/ ٢٢١، ٢٢٢).
(٧) انظر: الحاوي الكبير (١/ ١٥٤)، المجموع (٢/ ٨٢).

<<  <   >  >>