للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة) (١).

وجه الدلالة:

أنه صريح في جواز تطهر الرجل بفضل طهور المرأة.

نوقش:

بأنه محمول على أنها لم تخل به جمعاً بين الأدلة (٢).

وأجيب:

بأنه قد روي ما يدل على أنها قد خلت به كما في حديث ميمونة التالي:

الدليل الثاني: حديث ميمونة (٣) -رضي الله عنها- قالت: أجنبت فاغتسلت من جفنة (٤)، ففضلت فيها فضلة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل منه، فقلت: إني قد اغتسلت منه، فقال: (الماء ليس عليه جنابة، فاغتسل منه) (٥).

وجه الدلالة:

أن ظاهره يدل على أنها خلت به لطهارة كاملة عن حدث، وأجابها النبي - صلى الله عليه وسلم - جاواباً عاماً بأن الماء لا يصير بهذا الفعل إلى حالة يجتنب فيها فلا يستعمل (٦).

نوقش:

بأن هذا الحديث لا يصح (٧)، ولو صح لحمل على أنها لم تخل به، بل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشاهدها (٨)، وقد قال ابن حزم (٩) -رحمه الله-: لو صح الخبران لم يكن فيهما حجة لأن حكم هذين الخبرين منسوخ (١٠).


(١) رواه مسلم في كتاب الحيض باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد في حالة واحدة، وغسل أحدهما بفضل الآخر، (١/ ٢٥٧) برقم: ٣٢٣.
(٢) انظر: المغني (١/ ٢٨٤) , شرح العمدة (١/ ٧٨) , شرح الزركشي (١/ ٢٩٩, ٣٠٣).
(٣) هي: أمّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة سبع، كان اسمها برة، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة، ماتت بسرف، وهو ماء بينه وبين مكة عشرة أميال سنة ٥١ هـ. انظر: ترجمتها تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٣٥٥،٣٥٦) و الإصابة في تمييز الصحابة (٨/ ٣٢٢)
(٤) جفنة: -بفتح الجيم- وهي القصعة. انظر: المجموع (٢/ ١٩٠) , لسان العرب (١٣/ ٨٩).
(٥) مسند أحمد (٤٤/ ٣٨٦)،و الدارقطني، كتاب الطهارة، باب باب استعمال الرجل فضل وضوء المرأة (١/ ٨٠)، وصححه النووي في الخلاصة (١/ ١٩٩).
(٦) انظر: النهاية لابن الأثير (١/ ٣٠٢) , اللباب للمنبجي (١/ ٨٤).
(٧) كما ذهب إليه ابن حزم: لأنه من رواية سماك بن حرب, وهو يقبل التلقين, وقال الإمام أحمد: أتقيه لحال سماك, ليس يرويه غيره أ. هـ قال الحافظ: (قد رواه عنه -يعني سماكاً- شعبة وهو لا يحمل عن مشايخة إلا صحيح حديثهم) أ. هـ انظر: سنن الدار قطني (١/ ٥٢) , المحلى (١/ ٢١٣) , المغني (١/ ٢٨٤) , شرح الزركشي (١/ ٣٠٢) , فتح الباري (١/ ٣٠٠) , قلت: الحديث صححه الحاكم في المستدرك (١/ ١٥٩) , ووافقه الذهبي.
(٨) انظر: شرح الزركشي (١/ ٢٩٩).
(٩) وابن حزم هو: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، عالم الأندلس في عصره، ولد سنة ٣٨٤ هـ، كانت لابن حزم الوزارة وتدبير المملكة، فانصرف عنها إلى العلم، كان فقيها حافظا يستنبط الأحكام من الكتاب والسنة على طريقة أهل الظاهر، من مصنفاته: "الإيصال إلى فهم كتاب الخصال"، و "المحلى بالآثار"، طارده الملوك حتى توفي مبعدا عن بلده سنة ٤٥٦ هـ. انظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٨٤. البداية والنهاية ١٥/ ٧٩٥.
(١٠) انظر: المحلى (١/ ٢١٥).

<<  <   >  >>