للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصَابِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ.

وَقَالَ زُفَرُ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ كَامِلًا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَى آخِرِهِ وَقَوْلُهُ فَنُقْصَانُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ مَعْنَاهُ انْتَقَصَ وَبَقِيَ الْبَعْضُ أَمَّا إذَا هَلَكَ كُلُّهُ وَاسْتَفَادَ نِصَابًا آخَرَ انْقَطَعَ حُكْمُ النِّصَابِ الْأَوَّلِ وَلَوْ مَاتَ الرَّجُلُ فِي وَسَطِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ حُكْمُ الْحَوْلِ وَلَمْ يَبْنِ الْوَارِثُ عَلَى ذَلِكَ الْحَوْلِ.

(قَوْلُهُ وَتُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) وَكَذَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ أَجْنَاسُهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُضَمُّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ حَتَّى يَتِمَّ النِّصَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا.

(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُضَمُّ الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَيُضَمُّ بِالْأَجْزَاءِ) كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَمَعَهُ أَيْضًا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمَا لِكَمَالِ النِّصَابِ بِالْأَجْزَاءِ وَكَذَا عِنْدَهُ أَيْضًا احْتِيَاطًا لِجِهَةِ الْفُقَرَاءِ.

[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ]

الْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ هَا هُنَا الْعُشْرُ وَتَسْمِيَتُهُ زَكَاةً خَرَجَتْ عَلَى قَوْلِهِمَا لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِطَانِ النِّصَابَ وَالْبَقَاءَ فَكَانَ نَوْعُ زَكَاةٍ وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَمَّا كَانَ مَصْرِفُهُ مَصْرِفَ الزَّكَاةِ سُمِّيَ زَكَاةً قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي قَلِيلِ مَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَكَثِيرِهِ الْعُشْرُ) حَدُّ الْقَلِيلِ الصَّاعُ وَمَا دُونَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَقِيلَ حَدُّهُ نِصْفُ صَاعٍ وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ هُنَا الْعُشْرِيَّةُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى الْمَالِكِ سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا عَلَى الرِّبَاطَاتِ أَوْ الْمَسَاجِدِ أَوْ الْمَدَارِسِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مُسْقَى سَيْحًا) السَّيْحُ الْمَاءُ الْجَارِي.

(قَوْلُهُ أَوْ سَقَتْهُ السَّمَاءُ) يَعْنِي الْمَطَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا} [الأنعام: ٦] وَقَالَ الشَّاعِرُ

إذَا وَقَعَ السَّمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ ... رَعَيْنَاهَا وَإِنْ كَانُوا غِضَابًا

(قَوْلُهُ إلَّا الْحَطَبُ وَالْقَصَبُ وَالْحَشِيشُ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُسْتَنْبَتُ عَادَةً بَلْ تَبْقَى عَلَى الْأَرْضِ وَكَذَا السَّعَفُ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَغْصَانِ الشَّجَرِ وَالشَّجَرُ لَا عُشْرَ فِيهِ وَكَذَا التِّبْنُ لَا شَيْءَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ سَاقُ الْحُبُوبِ كَالشَّجَرِ لِلثِّمَارِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ غَيْرُهُمَا وَهُوَ الثَّمَرُ وَالْحَبُّ وَأَمَّا إذَا قَصَدَ بِالشَّجَرِ الِاسْتِغْلَالَ كَشَجَرِ السَّرْحِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ وَأَمَّا الْقَصَبُ فَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ قَصَبُ السُّكَّرِ وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ وَالْقَصَبُ الْفَارِسِيِّ فَقَصَبُ السُّكَّرِ وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ فِيهِمَا الْعُشْرُ وَالذَّرِيرَةُ هُوَ قَصَبُ السُّنْبُلِ وَأَمَّا الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَنْبَتُ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ أَمَّا إذَا اتَّخَذَ أَرْضَهُ مَقْصَبَةً أَوْ مَشْجَرَةً أَوْ مَنْبَتًا لِلْحَشِيشِ وَسَاقَ إلَيْهِ الْمَاءَ وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْهُ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَجِبُ الْعُشْرُ إلَّا فِيمَا لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ) أَيْ تَبْقَى عَيْنُهُ حَوْلًا مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ وَلَا تَشْمِيسٍ مِمَّا يُقْتَاتُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالذَّرَّةِ وَالدَّخَنِ وَالْأَرُزِّ وَالْجَاوَرْسِ وَالْعَدَسِ وَالْمَاشِّ وَاللُّوبِيَا وَهِيَ الدَّخَنُ وَالْحِمَّصُ وَالْبُرَعِيُّ وَالْهِنْدِبَاءُ وَالتَّمْرُ وَالزَّبِيبُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الْأَكْلُ وَهُوَ يَبْقَى سَنَةً أَوْ يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا عَامًّا كَالزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ وَالْفُلْفُلِ وَالْكَمُّونِ وَالْخَرْدَلِ وَالْكُزْبَرَةِ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَفِي السِّمْسِمِ الْعُشْرُ فَإِنْ عُصِرَ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ الْعُشْرُ أُخِذَ مِنْ دُهْنِهِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ الشُّجَيْرَةِ شَيْءٌ وَكَذَا الزَّيْتُونُ عَلَى هَذَا وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَصَلِ وَالثُّومِ فِي الصَّحِيحِ وَلَا عُشْرَ فِي الْأَدْوِيَةِ كَالسَّعْتَرِ وَالشُّونِيزِ وَالْحَلْفِ وَالْحُلْبَةِ وَقِيلَ يَجِبُ فِي الشُّونِيزِ الْعُشْرُ وَهُوَ حَبَّةُ السَّوْدَاءِ وَلَا شَيْءَ فِي الْخِطْمِيِّ وَالْوَسْمَةِ وَبِزْرِهِ وَلَا فِي الْأُشْنَانِ وَلَا فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الْخَشَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>