للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الْعَاطِبِ الَّذِي لَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذَبْحٌ وَهُنَا الَّذِي قَارَبَ الْعَطَبَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ نَحَرَهَا وَالنَّحْرُ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْحَيِّ.

(قَوْلُهُ وَصَبَغَ نَعْلَهُ بِدَمِهَا) الْمُرَادُ بِالنَّعْلِ قِلَادَتُهَا وَعَلَى هَذَا رِوَايَةُ نَعْلَهَا فَإِنْ كَانَ نَعْلَهُ فَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إلَى الْهَدْيِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَعْلُ الْمُهْدِي وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ هَدْيٌ لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ فَيَأْكُلُ مِنْهُ الْفُقَرَاءُ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ مَحِلَّهَا فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا أَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهَا) أَيْ جَانِبَ عُنُقِهَا.

وَفِي الْهِدَايَةِ صَفْحَةَ سَنَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ) لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْ مَحِلَّهَا فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا أَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً أَقَامَ غَيْرَهَا مَقَامَهَا وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ) لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ صَالِحَةً لِمَا عَيَّنَهُ وَهُوَ مِلْكُهُ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ.

(قَوْلُهُ وَيُقَلِّدُ هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَالْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ) وَكَذَا الْهَدْيُ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالنَّذْرِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْهَدْيِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ أَمَّا الْغَنَمُ فَلَا يُقَلِّدُ وَكُلَّمَا يُقَلَّدُ يُخْرَجُ بِهِ إلَى عَرَفَاتٍ وَمَا لَا فَلَا (قَوْلُهُ وَلَا يُقَلِّدُ دَمَ الْإِحْصَارِ وَلَا دَمَ الْجِنَايَاتِ) لِأَنَّهُ دَمُ جَبْرٍ فَيُسْتَحَبُّ إخْفَاؤُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ دَمُ نُسُكٍ فَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُهُ فَلَوْ قَلَّدَ دَمَ الْإِحْصَارِ وَدَمَ الْجِنَايَاتِ جَازَ وَلَا بَأْسَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسَائِلُ) خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ تُوجِبُ الْوُصُولَ إلَى مَكَّةَ وَالْإِحْرَامِ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ الْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ الثَّانِي لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ الثَّالِثُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ الرَّابِعُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْكَعْبَةِ الْخَامِسُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ الْخَمْسَةُ تُوجِبُ عَلَيْهِ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً بِالْإِجْمَاعِ وَسِتَّةُ أَلْفَاظٍ لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا بِالْإِجْمَاعِ الْأَوَّلُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْخُرُوجُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الثَّانِي لِلَّهِ عَلَيَّ الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الثَّالِثُ لِلَّهِ عَلَيَّ السَّيْرُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الرَّابِعُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْإِتْيَانُ إلَى مَكَّةَ الْخَامِسُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ السَّادِسُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى عَرَفَاتٍ فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَا تُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا بِالْإِجْمَاعِ وَلَفْظَانِ لَا يُوجِبَانِ عَلَيْهِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحَدُهُمَا لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الثَّانِي لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ وَفِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ إمَّا حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[كِتَابُ الْبُيُوعِ]

(كِتَابُ الْبُيُوعِ) إنَّمَا عَقَّبَ الْبَيْعَ بِالْعِبَادَاتِ وَأَخَّرَ النِّكَاحَ لِأَنَّ احْتِيَاجَ النَّاسِ إلَى الْبَيْعِ أَعَمُّ مِنْ احْتِيَاجِهِمْ إلَى النِّكَاحِ لِأَنَّهُ يَعُمُّ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْبَقَاءُ بِالْبَيْعِ أَقْوَى مِنْ الْبَقَاءِ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّ بِهِ تَقُومُ الْمَعِيشَةُ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْأَجْسَامِ وَبَعْضُ الْمُصَنِّفِينَ قَدَّمَ النِّكَاحَ عَلَى الْبَيْعِ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ عِبَادَةٌ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِنَفْلِ الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ إلَى التَّوْحِيدِ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ الْمُوَحِّدِ وَكُلٌّ مِنْهُمْ مُصِيبٌ فِي مَقْصِدِهِ وَالْبَيْعُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ مَالٍ بِمَالٍ آخَرَ وَكَذَا فِي الشَّرْعِ لَكِنْ زِيدَ فِيهِ قَيْدُ التَّرَاضِي لِمَا فِي التَّغَالُبِ مِنْ الْفَسَادِ وَاَللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَيُقَالُ هُوَ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ فِي مَالَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا مَعْنَى التَّبَرُّعِ وَهَذَا قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ كَالشَّيْخِ وَأَصْحَابِهِ وَقِيلَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ وَهُوَ قَوْلُ الْخُرَاسَانِيِّينَ كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَأَصْحَابِهِ وَفَائِدَتُهُ انْعِقَادُهُ بِالتَّعَاطِي فِي النَّفِيسِ فَعِنْدَ الْخُرَاسَانِيِّينَ يَنْعَقِدُ وَعِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ لَا يَنْعَقِدُ وَأَمَّا فِي الْخَسِيسِ فَيَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي إجْمَاعًا مِثْلَ شِرَاءِ الْبَقْلِ وَالْخُبْزِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْخُرَاسَانِيِّينَ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلتَّرَاضِي قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْبَيْعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>