أَبُو يُوسُفَ فِي السَّيْفِ لَهُ النَّصْلُ دُونَ الْجَفْنِ وَفِي السَّرْجِ لَهُ الدَّفَّتَانِ وَالرِّكَابَانِ دُونَ اللِّبْدِ وَالْمِيثَرَةِ وَهِيَ قُطْنٌ مَحْشُوٌّ يُتْرَكُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ وَفِي الْمُصْحَفِ لَهُ الْمُصْحَفُ دُونَ الْغِلَافِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُنْفَصِلَةٌ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ كَمَنْ أَوْصَى بِدَارٍ لَا يَدْخُلُ فِيهَا الْمَتَاعُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ لِأَنَّ الْغِلَافَ تَابِعٌ لِلْمُصْحَفِ كَجَفْنِ السَّيْفِ عَلَى أَصْلِهِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِمِيزَانٍ فَلَهُ الْكِفَّتَانِ وَالْعَمُودُ وَاللِّسَانُ وَلَيْسَ لَهُ الصَّنَجَاتُ وَلَا التَّخْتُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْمِيزَانِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَكْمُلُ إلَّا بِالْجَمِيعِ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ هِيَ مُنْفَصِلَةٌ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِحِنْطَةٍ فِي جَوَالِقَ فَلَهُ الْحِنْطَةُ دُونَ الْجَوَالِقِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَوْصَرَّةِ تَمْرٍ فَلَهُ الْقَوْصَرَّةُ وَالتَّمْرُ لِأَنَّ الْقَوْصَرَّةَ تَدْخُلُ فِي بَيْعِ التَّمْرِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْجَوَالِقِ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِعَسَلٍ فِي زِقٍّ أَوْ بِسَمْنٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ بِزَيْتٍ فِي إنَاءٍ لَمْ تَدْخُلْ الْآنِيَةُ وَإِنَّمَا لَهُ الْعَسَلُ وَحْدَهُ وَالسَّمْنُ وَحْدَهُ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ ثِيَابِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَاهَا وَبَقِيَ ثُلُثُهَا وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الثِّيَابِ) هَذَا إذَا كَانَتْ الثِّيَابُ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّ الثِّيَابَ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً لَا يُقَسَّمُ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَالْبَاقِي مِنْهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْقِسْمَةِ فَلَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْبَاقِي فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُوصَى لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَهُ مَالٌ عَيْنٌ وَدَيْنٌ فَإِنْ خَرَجَتْ الْأَلْفُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ دُفِعَتْ إلَى الْمُوصَى لَهُ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ دَفَعَ إلَيْهِ ثُلُثَ الْعَيْنِ وَكُلَّمَا خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَخَذَ ثُلُثَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْأَلْفَ) لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَرَثَةِ وَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْعَيْنِ بَخْسٌ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ فِي الْعَيْنِ فَضْلًا عَلَى الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ وَبِالْحَمْلِ إذَا وُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ) وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ أَمَّا الْوَصِيَّةُ لَهُ فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِخْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُهُ خَلِيفَةً فِي بَعْضِ مَالِهِ وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ إلَّا أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لَهُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مَحْضٌ وَلَيْسَتْ بِاسْتِخْلَافِ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لِيُمَلِّكَهُ شَيْئًا، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إذَا عُلِمَ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ بَابَ الْوَصِيَّةِ وَاسِعٌ لِحَاجَةِ الْمَيِّتِ وَعَجْزِهِ وَلِهَذَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالثَّمَرَةِ فَلَأَنْ تَصِحُّ فِي الْمَوْجُودِ أَوْلَى وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ بِمَا فِي بَطْنِ دَابَّتِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا عُلِمَ وُجُودُهُ فِي الْبَطْنِ وَمَعْرِفَةُ وُجُودِهِ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ مَوْتِ الْمُوصِي وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حَدَثَ بَعْدَهَا إلَّا إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْعِدَّةِ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ ثُبُوتِ النَّسَبِ يُعْتَبَرُ إلَى سَنَتَيْنِ فَكَذَلِكَ فِي جَوَازِ الْوَصِيَّةِ يُعْتَبَرُ إلَى سَنَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْعِدَّةِ يُعْتَبَرُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي الْجَارِيَةِ وَالدَّابَّةِ سَوَاءٌ وَإِنْ أَوْصَى بِالْجَارِيَةِ لِرَجُلٍ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ جَازَ إلَّا إذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ حِينَئِذٍ تَكُونُ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْجَارِيَةِ
[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَوْصَى بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ أَوْصَى بِهَا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ فَقَدْ جَعَلَ الْجَارِيَةَ وَصِيَّةً وَمَا فِي بَطْنِهَا مِيرَاثًا وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِيمَا فِي الْبَطْنِ وَلِأَنَّ اسْمَ الْجَارِيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ لَفْظًا لَكِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْإِطْلَاقِ تَبَعًا فَإِذَا أَفْرَدَ الْأُمَّ بِالْوَصِيَّةِ صَحَّ إفْرَادُهَا؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ إفْرَادُ الْحَمْلِ بِالْوَصِيَّةِ فَجَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ أَنَّ مَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَمَا لَا فَلَا وَلَوْ أَوْصَى بِرَقَبَةِ الْجَارِيَةِ لِإِنْسَانٍ وَمَا فِي بَطْنِهَا لِآخَرَ فَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْوَلَدِ انْتَقَلَ الْمِلْكُ إلَى وَرَثَتِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهَا لِإِنْسَانٍ وَبِخِدْمَتِهَا وَغَلَّتِهَا لِآخَرَ فَمَاتَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ وَالْغَلَّةِ عَادَ الْمِلْكُ إلَى صَاحِبِ الرَّقَبَةِ دُونَ وَرَثَةِ الْمُوصَى
(قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute