للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ الذِّمِّيُّ الذِّمِّيَّةَ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ وَكَذَا إذَا مَاتَ عَنْهَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِأَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِحَقِّ الزَّوْجِ، وَهِيَ غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِحُقُوقِ اللَّهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّوْجُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ حَقًّا.

(قَوْلُهُ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْحَامِلُ مِنْ الزِّنَا جَازَ النِّكَاحُ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَضَعَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ مَاءَ الزَّانِي لَا حُرْمَةَ لَهُ وَالْمَنْعُ مِنْ تَزَوُّجِ الْحَامِلِ لِحُرْمَةِ مَاءِ الْوَاطِئِ (قَوْلُهُ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الزَّانِيَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ نِكَاحُ الْحُبْلَى مِنْ الزِّنَا فَاسِدٌ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْحَمْلَ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْهُ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَهَا النَّفَقَةُ عِنْدَ الْكُلّ ثُمَّ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ النِّكَاحِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيَرِثُ مِنْهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَرِثُ مِنْهُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

النَّفَقَةُ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ النِّفَاقِ وَهُوَ الْهَلَاكُ يُقَالُ نَفَقَ فَرَسُهُ إذَا هَلَكَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ صَرْفِ الْمَالِ وَإِهْلَاكِهِ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (النَّفَقَةُ وَاجِبَةٌ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا) سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا بِالتَّبْوِئَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَعِدَّتِهِ أَمَّا الْفَاسِدُ وَعِدَّتُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهِ (قَوْلُهُ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً) يَعْنِي بِالْكَافِرَةِ الْكِتَابِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ هِيَ الْمَأْكُولُ وَالْمَشْرُوبُ وَهُوَ الطَّعَامُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَد وَالْإِدَامُ مِنْ غَالِبِ أُدُمِ الْبَلَدِ فَإِذَا امْتَنَعَتْ مِنْ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْهَيْئَاتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّأٍ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ يَغْلُو وَيَرْخُصُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ آلَةُ الطَّبْخِ وَآنِيَةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِثْلُ الْكُوزِ وَالْجَرَّةِ وَالْقِدْرِ وَالْمِغْرَفَةِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ وَتَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ بِالزَّوْجِيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالْمِلْكِ فَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا تَجِبُ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَلَا تَسْقُطُ بِيَسَارِ الْمَرْأَةِ وَلَا بِكُفْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْمُعَاوَضَةَ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا.

وَنَفَقَةُ النَّسَبِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ مِنْهَا نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ وَهِيَ تَجِبُ عَلَى الْأَبِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حُرًّا وَالْأَبِ كَذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ فَقِيرًا أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ وَمِنْهَا نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ فَتَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَهُمَا مُعْسِرَانِ وَلَا تَسْقُطُ بِكُفْرِهِمَا وَمِنْهَا نَفَقَةُ ذَوِي الْأَرْحَامِ تَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَهُمْ مُعْسِرُونَ وَلَا تَجِبُ مَعَ كُفْرِهِمْ.

وَأَمَّا نَفَقَةُ الْمِلْكِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا فِي مَنْزِلِهِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا وَسُكْنَاهَا) بِشَرْطِ تَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ تُنْقَلْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اعْتَبَرَ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ انْتِقَالَهَا إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ ابْتِدَاءً فَأَمَّا بَعْدَ مَا انْتَقَلَتْ إلَى مَنْزِلِهِ تَجِبُ النَّفَقَةُ وَاخْتَارَ الْقُدُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا إنَّهَا إذَا طَلَبَتْ النَّفَقَةَ قَبْلَ تَحَوُّلِهَا إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ فَلَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ يُطَالِبْهَا بِالنَّقْلَةِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَةَ حَقٌّ لَهُ وَالنَّفَقَةَ حَقٌّ لَهَا فَإِذَا تَرَكَ حَقَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهَا وَإِنْ طَالَبَهَا بِالنَّقْلَةِ فَامْتَنَعَتْ إنْ كَانَ ذَلِكَ لِتَسْتَوْفِي مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّهَا وَالنَّفَقَةَ حَقُّهَا وَالْمُطَالَبَةُ بِأَحَدِ الْحَقَّيْنِ لَا تُسْقِطُ الْآخَرَ وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ أَعْطَاهَا مَهْرَهَا أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَامْتَنَعَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>