جِهَتِهَا وَهُوَ إنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ وَلَا الْحَدُّ وَإِنْ كَانَ كِلَاهُمَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ فَقَذَفَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ سَقَطَ لِمَعْنًى فِي الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْبُدَاءَةَ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا يَحْتَرِزُ مِمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ إلَّا إنَّهَا لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ فَهَذِهِ لَا يَجِبُ بِقَذْفِهَا لِعَانٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَيُحَدَّ) ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حَقٌّ مُسْتَحِقٌّ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إيفَائِهِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ لِيَرْتَفِعَ الشَّيْنُ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ حَدَّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَاعَنَ وَجَبَ عَلَيْهَا اللِّعَانُ فَإِنْ امْتَنَعَتْ حَبَسَهَا الْحَاكِمُ حَتَّى تُلَاعِنَ أَوْ تُصَدِّقَهُ فَتَحِلَّ) يَعْنِي حَدَّ الزِّنَا قَالُوا هَذَا غَلَطٌ مِنْ النُّسَّاخِ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهَا إيَّاهُ لَا يَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَثَمَّ لَا تُحَدُّ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَهَاهُنَا أَوْلَى وَإِنْ صَدَّقَتْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لَا تُحَدُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُصَرِّحْ بِالزِّنَا وَالْحَدُّ لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ وَإِنَّمَا بَدَأَ فِي اللِّعَانِ بِالزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي.
(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَقَذَفَ امْرَأَتَهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ اللِّعَانُ بِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ فَيُصَارُ إلَى الْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤] الْآيَةَ، وَاللِّعَانُ خَلَفٌ عَنْهُ وَصُورَةُ كَوْنِ الزَّوْجِ كَافِرًا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجَانِ كَافِرَيْنِ فَأَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فَقَذَفَهَا بِالزِّنَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ أَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدِّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَقَذَفَهَا ثَانِيًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْحَدِّ ثُمَّ تَلَاعَنَا.
وَقَالَ زُفَرُ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ إنَّمَا تَبْطُلُ بَعْدَ كَمَالِ الْحَدِّ وَعِنْدَ زُفَرَ تَبْطُلُ بِأَوَّلِ سَوْطٍ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ إذْ لَوْ كَانَ مَحْدُودًا فِي زِنًا أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ مَحْدُودَةٌ فِي قَذْفٍ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ زَانِيَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي قَذْفِهَا وَلَا لِعَانَ) ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ قَدْ صَحَّ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ مُوجِبُهُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ وَلَا مُحْصَنَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ صَدَقَتْهُ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ خَرْسَاءَ.
[صِفَةُ اللِّعَانِ]
(قَوْلُهُ وَصِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَبْتَدِئَ الْقَاضِي بِالزَّوْجِ فَيَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ فَيَقُولَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) إلَى أَنْ قَالَ وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنَّمَا شُرِطَ الْإِشَارَةُ لِزَوَالِ الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ غَيْرَهَا بِذَلِكَ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَشْهَدُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ) يَعْنِي، وَهِيَ قَائِمَةٌ وَكَذَا الرَّجُلُ يُلَاعِنُ وَهُوَ قَائِمٌ وَفِي الْكَرْخِيِّ الْقِيَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا هُوَ أَشْهَرُ وَأَبْلَغُ (قَوْلُهُ تَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا وَتَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٩] إنَّمَا ذُكِرَ الْغَضَبُ فِي جَانِبِهَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ يَسْتَعْمِلْنَ اللَّعْنَ كَثِيرًا فَيَكُونُ ذِكْرُ الْغَضَبِ أَدْعَى لَهُنَّ إلَى الصِّدْقِ ثُمَّ اللَّعْنُ يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ قَالَ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أَنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ أَوْ قَالَتْ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute