الْغَلْقِ بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ بَعْضِهِ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ دُونَهُ.
(قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَنَاقِدُ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّ الْكَيْلَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلتَّسْلِيمِ وَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ وَهَذَا إذَا بَاعَهُ مُكَايَلَةً أَمَّا إذَا بَاعَهُ مُجَازَفَةً فَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَيْلُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ وَكَذَا أُجْرَةُ الْوَزَّانِ وَالذَّرَّاعِ وَالْعَدَّادِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْبَيْعُ مَوْزُونًا أَوْ مَذْرُوعًا أَوْ مَعْدُودًا فَبَاعَهُ مُوَازَنَةً أَوْ ذَرْعًا أَوْ عَدًّا قَالَ فِي الْعُيُونِ الْكَيْلُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُبَّهُ فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا اشْتَرَى حِنْطَةً فِي جِرَابٍ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَفْتَحَ الْجِرَابَ فَإِذَا فَتَحَهُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إخْرَاجُهُ وَأَمَّا نَاقِدُ الثَّمَنِ فَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ النَّقْدَ يَكُونُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَزْنِ وَالْبَائِعُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ لِيَعْرِفَ الْمَعِيبَ فَيَرُدُّهُ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ عَلَيْهِ الْجِيَادُ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ فَلَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا بَعْدَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ خِلَافُ حَقِّهِ فَإِنَّ النَّاقِدَ إنَّمَا يُمَيِّزُ مِلْكَهُ لِيَسْتَوْفِيَ بِذَلِكَ حَقًّا لَهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ وَازِنِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي تَعْيِينُ الثَّمَنِ لَهُ وَتَوْفِيَتُهُ لِلْبَائِعِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَزْنِ فَكَانَ عَمَلُهُ لَهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي سَلِّمْ الثَّمَنَ أَوَّلًا) لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي قَدْ تَعَيَّنَ فِي الْمَبِيعِ فَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِيَتَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَسْلِيمُ الثَّمَنِ حَتَّى يُحْضِرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ فَإِذَا دَفَعَ الثَّمَنَ قِيلَ لِلْبَائِعِ سَلِّمْ الْمَبِيعَ) لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ الثَّمَنَ بِالْقَبْضِ فَلَزِمَهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ فَإِنْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِذَا ثَبَتَ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُسَلِّمُ الثَّمَنَ أَوَّلًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا وَإِذَا كَانَ بَعْضُهُ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الْحَالَّ وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ الْحَبْسُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ كَالِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ اسْتَوْفَى الْبَعْضَ كَانَ لَهُ الْحَبْسُ بِمَا بَقِيَ وَلَوْ دَفَعَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ تَكَفَّلَ بِهِ كَفِيلٌ لَمْ يَسْقُطْ الْحَبْسُ وَلَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ سَقَطَ الْحَبْسُ إجْمَاعًا وَكَذَا إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى رَجُلٍ بِالثَّمَنِ سَقَطَ الْحَبْسُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا أَحَالَ بِالثَّمَنِ فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ بِالْحَوَالَةِ فَصَارَ كَالْبَرَاءَةِ بِالْإِيفَاءِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْبَائِعِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْقُطُ الْحَبْسُ لِأَنَّ مُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَمْ تَسْقُطْ فَكَانَ لَهُ الْحَبْسُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مُطَالَبَتَهُ سَقَطَتْ كَمَا لَوْ اسْتَوْفَى وَلَوْ أَجَّلَهُ بِالثَّمَنِ سَنَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ فَالْأَجَلُ سَنَةٌ مِنْ حِينِ يَقْبِضُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَتْ سَنَةً بِعَيْنِهَا وَمَضَتْ صَارَ حَالًّا وَعِنْدَهُمَا الثَّمَنُ حَالٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ أَوْ ثَمَنًا بِثَمَنٍ قِيلَ لَهُمَا سَلِّمَا مَعًا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعْيِينِ وَبَيْعُ السِّلْعَةِ بِالسِّلْعَةِ يُسَمَّى بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ وَبَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ يُسَمَّى بَيْعُ الصَّرْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]
خِيَارُ الشَّرْطِ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ حُكْمِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَهُوَ وُضِعَ لِلْفَسْخِ لَا لِلْإِجَازَةِ عِنْدَنَا حَتَّى إذَا فَاتَ وَقْتُ الْفَسْخِ بِمُضِيِّ وَقْتِهِ تَمَّ الْعَقْدُ وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وُضِعَ لِلْإِجَازَةِ لَا لِلْفَسْخِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فَاتَتْ الْإِجَازَةُ وَانْفَسَخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute