يُجِيزَهُ فَإِنْ اخْتَارَ الْإِجَازَةَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ صَاحِبِهِ جَازَ وَإِنْ فَسَخَ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ حَاضِرًا) وَهَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ يَجُوزُ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِالْقَوْلِ أَمَّا بِالْفِعْلِ فَيَجُوزُ مَعَ غَيْبَتِهِ إجْمَاعًا كَمَا إذَا بَاعَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ وَطِئَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ حَاضِرًا نَفْسُ الْحُضُورِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ عِلْمُهُ بِالْفَسْخِ فِي الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَهَا فَقَدْ تَمَّ الْبَيْعُ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَطَلَ خِيَارُهُ) وَتَمَّ الْبَيْعُ مِنْ قِبَلِهِ أَيُّهُمَا كَانَ لِأَنَّ بِالْمَوْتِ يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ وَقَطْعُهُ يُوجِبُ تَمَامَ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا تَمَّ الْبَيْعُ مِنْ قِبَلِهِ وَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ مَاتَ جَازَ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ شَيْئًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَعَجَزَ فِي الثَّلَاثِ تَمَّ الْبَيْعُ لِأَنَّ عَجْزَهُ كَمَوْتِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْتَقِلْ إلَى وَرَثَتِهِ) وَإِنَّمَا لَمْ يُورَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ وَالْإِرْثُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) فَإِنْ قِيلَ لِمَ جَازَ الْبَيْعُ مَعَ هَذَا الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ الشَّرْطَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ كَمَنْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ الْحَبَلَ فِي الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لَا يَدْرِي أَنَّهُ حَبَلٌ أَوْ انْتِفَاخٌ وَأَنَّ الْوَلَدَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ وَالْمَجْهُولُ إذَا ضُمَّ إلَى الْمَعْلُومِ يَصِيرُ الْكُلُّ مَجْهُولًا وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مِقْدَارَهُ وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ تَحْصِيلُهُ فَكَانَ مُفْسِدًا فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ رَجَعَ إلَى الْبَائِعِ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الزِّيَادَاتِ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِغَيْرِ الْمَوْتِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُقَوَّمَ خَبَّازًا وَغَيْرَ خَبَّازٍ وَيَضْمَنَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاءَ بِهِ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ لَمْ أَجِدْهُ كَاتِبًا وَلَا خَبَّازًا فَقَالَ الْبَائِعُ قَدْ سَلَّمْته إلَيْك عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلَكِنَّهُ نَسِيَ عِنْدَك وَذَلِكَ فِي مُدَّةٍ لَا يَنْسَاهَا فِي مِثْلِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ مُدَّعِي تَسْلِيمَهُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَالْمُشْتَرِيَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]
خِيَارُ الرُّؤْيَةِ يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَهُوَ خِيَارٌ ثَبَتَ حُكْمًا لَا بِالشَّرْطِ وَلَا يَتَوَقَّتُ وَلَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ جَازَ تَصَرُّفُهُ وَبَطَلَ خِيَارُهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَمَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ) ثُمَّ إنَّهُ خِيَارٌ لَا يُورَثُ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الرَّدُّ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الرُّؤْيَةِ رَضِيت ثُمَّ رَآهُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ لِأَنَّ الْخِيَارَ مُعَلَّقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute