مِنْهُ اعْتِرَافٌ أَوْ دَلَالَةٌ عَلَى الِاعْتِرَافِ وَلَمْ يُؤَقِّتْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مُدَّةِ النَّفْيِ وَقْتًا وَإِنَّمَا هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ لَهُ نَفْيَهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَرَوَى الْحَسَنُ إلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْوِلَادَةِ إلَى الْعَقِيقَةِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ) ، وَهَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَمَّا إذَا وَلَدَتْ وَهُوَ غَائِبٌ وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى قَدِمَ فَلَهُ النَّفْيُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ مَا تُقْبَلُ فِيهِ التَّهْنِئَةُ بَعْدَ قُدُومِهِ وَعِنْدَهُمَا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ النِّفَاسِ بَعْدَ قُدُومِهِ أَيْضًا وَقَدْ قَالُوا فِي وَلَدِ الزَّوْجَةِ إذَا هُنِّيَ بِهِ فَسَكَتَ كَانَ اعْتِرَافًا وَإِنْ هُنِّيَ بِوَلَدِ الْأَمَةِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا؛ لِأَنَّ نَسَبَ وَلَدِ الزَّوْجَةِ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ وَإِنَّمَا يُتَرَقَّبُ النَّفْيُ مِنْ الزَّوْجِ فَإِذَا سَكَتَ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ صَارَ بِذَلِكَ مُعْتَرِفًا وَأَمَّا وَلَدُ الْأَمَةِ فَلَا يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ؛ لِأَنَّهُ لَا فِرَاشَ لَهَا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالدَّعْوَى فَالسُّكُوتُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الدَّعْوَى وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ كَوَلَدِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ لَهَا فِرَاشًا.
(قَوْلُهُ وَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَنَفَى الْأَوَّلَ وَاعْتَرَفَ بِالثَّانِي ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَحُدَّ الزَّوْجُ وَلَا لِعَانَ) ؛ لِأَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَحُدَّ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِدَعْوَى الثَّانِي وَالْأَصْلُ أَنَّ الْحَمْلَ الْوَاحِدَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ بَعْضُ نَسَبِهِ دُونَ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ فَهُوَ كَالْوَلَدِ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا وَلَاعَنَ) ؛ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ لِلثَّانِي فَثَبَتَا جَمِيعًا وَعَلَيْهِ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاذِفًا لِلزَّوْجَةِ بِنَفْيِ الثَّانِي وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ كَانَ نَفْيُهُ لِلثَّانِي رُجُوعًا فَلَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا مَيِّتًا فَنَفَاهُمَا لَاعَنَ وَلَزِمَهُ الْوَلَدَانِ وَإِنْ نَفَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ اللِّعَانِ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ وَيَلْزَمُهُ نَسَبُهُمَا جَمِيعًا أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ فَلِأَنَّ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ عَلَيْهِ وَالْمَيِّتُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَحْضُرْ لَهُ خَصْمٌ وَالثَّانِي لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْهُ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ نَفْيُ النَّسَبِ وَقَدْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ فَلَمْ يَكُنْ فِي اللِّعَانِ فَائِدَةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَسْقُطُ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ قَدْ يَنْفَرِدُ عَنْ نَفْيِ النَّسَبِ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ وَإِنْ جَاءَتْ بِثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَأَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ وَأَقَرَّ بِالثَّالِثِ لَاعَنَ وَإِنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي يُحَدُّ وَهُمْ بَنُوهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[كِتَابُ الْعِدَدِ]
الْعِدَدُ جَمْعُ عِدَّةٍ وَالْعِدَّةُ هِيَ التَّرَبُّصُ الَّذِي يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ بِزَوَالِ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ، وَهِيَ مُدَّةٌ وُضِعَتْ شَرْعًا لِلتَّعَرُّفِ عَنْ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ الْحَيْضُ وَالشُّهُورُ وَوَضْعُ الْحَمْلِ فَالْحَيْضُ يَجِبُ بِالطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَبِالْوَطْءِ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ وَبِعِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَوْتِ مَوْلَاهَا وَأَمَّا الشُّهُورُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ مِنْهُمَا يَجِبُ بَدَلًا عَنْ الْحَيْضِ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَالضَّرْبُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا أَمَّا الْفَاسِدُ فَعِدَّتُهَا فِيهِ الْحَيْضُ فِي الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ وَأَمَّا وَضْعُ الْحَمْلِ فَتَنْقَضِي بِهِ كُلُّ عِدَّةٍ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مِثْلَهُ إلَّا فِي الْمَرْأَةِ الصَّغِيرَةِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا أَوْ ثَلَاثًا أَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَهِيَ حُرَّةٌ مِمَّنْ تَحِيضُ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْحُرَّةُ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَهَذَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ مِثْلُ أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنْ تُمَكِّنَ ابْنَ زَوْجِهَا مِنْ نَفْسِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ الْفُرْقَةَ بِالتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي تَخَلُّلُ الْحَيْضَ وَفَائِدَتُهُ إذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَتَى شَرَعَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute