للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الثُّؤْلُولِ وَذَلِكَ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ عَمْدًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَدِيَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى غَيْرَ حَقِّهِ لِأَنَّ حَقَّهُ الْيَدُ وَقَدْ اسْتَوْفَى النَّفْسَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَطْعِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ.

(مَسْأَلَةٌ) إذَا قَالَ لِرَجُلٍ اقْطَعْ يَدٌ وَذَلِكَ لِعِلَاجٍ كَمَا إذَا وَقَعَتْ فِيهَا أَكَلَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ لَا يَحِلُّ لَهُ قَطْعُهَا فِي الْحَالَيْنِ ثُمَّ لَوْ سَرَى إلَى النَّفْسِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ بِالْأَمْرِ وَإِنْ قَالَ لَهُ: اُقْتُلْنِي لَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُهُ فَإِنْ قَتَلَهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَإِنْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَالْحِجَامُ، وَالْخِتَانُ، وَالْبَزَّاغُ، وَالْفِصَادُ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ شَجَّ رَجُلًا شَجَّةً فَاسْتَوْعَبَتْ الشَّجَّةُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ وَهِيَ لَا تَسْتَوْعِبُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ فَالْمَشْجُوجُ بِالْخِيَارِ) إنْ شَاءَ (اقْتَصَّ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ يَبْتَدِئُ مِنْ أَيْ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ كَامِلًا) يَعْنِي يَأْخُذُ مِقْدَارَهَا طُولًا وَعَرْضًا وَكَذَا إذَا كَانَتْ الشَّجَّةُ لَا تَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الْمَشْجُوجِ وَهِيَ تَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمَشْجُوجُ أَيْضًا إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ قَدْرَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِاسْتِيفَاءُ كَامِلًا لِلتَّعَدِّي إلَى غَيْرِ حَقِّهِ وَإِنْ شَجَّهُ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشُجَّهُ فِي مُؤَخِّرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ فِي اللِّسَانِ) هَذَا إذَا قَطَعَ بَعْضَهُ أَمَّا إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ فَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (وَلَا فِي الذَّكَرِ إذَا قُطِعَ) لِأَنَّهُ يَنْقَبِضُ وَيَنْبَسِطُ فَلَا يُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ مِنْ أَصْلِهِ يَجِبُ الْقِصَاصُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الْحَشَفَةَ) لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مَعْلُومٌ كَالْمَفْصِلِ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهَا فَلَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ ذَلِكَ، وَالشَّفَةُ إذَا اسْتَقْصَاهَا بِالْقَطْعِ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِإِمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ بَعْضَهَا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْمُسَاوَاةُ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا اصْطَلَحَ الْقَاتِلُ وَأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَوَجَبَ الْمَالُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا) ثُمَّ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا حَالًّا وَلَا مُؤَجَّلًا فَهُوَ حَالٌّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ الْأَجَلَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الدَّمِ أَوْ صَالَحَ مِنْ نَصِيبِهِ عَلَى عِوَضٍ سَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ مِنْ الْقِصَاصِ وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَبَعَّضُ فَإِذَا سَقَطَ بَعْضُهُ سَقَطَ كُلُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ وَعَفَا أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِلْآخَرِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ قِصَاصَانِ وَهُنَا الْوَاجِبُ قِصَاصٌ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا انْقَلَبَ حَقُّ الْبَاقِينَ مَالًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا تَعَذَّرَ بِغَيْرِ فِعْلِهِمْ انْتَقَلَ إلَى الْمَالِ وَأَمَّا الْعَافِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِفِعْلِهِ وَرِضَاهُ ثُمَّ مَا يَجِبُ لِلْبَاقِينَ مِنْ الْمَالِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ، وَالْعَمْدُ لَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَيَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ عَفَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ الْقِصَاصِ فَقَتَلَهُ الْآخَرُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَفْوِ أَوْ عَلِمَ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

وَقَالَ زُفَرُ: عَلَيْهِ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْقِصَاصَ قَدْ سَقَطَ بِالْعَفْوِ فَصَارَ كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ أَبَاهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِعَفْوِ صَاحِبِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ دَمَهُ صَارَ حَرَامًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ إجْمَاعًا وَلَهُ عَلَى الْمَقْتُولِ نِصْفُ الدِّيَةِ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِالْآخَرِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا نَسَمَةً وَاحِدَةً فِي الِاثْنَيْنِ فَإِذَا عَفَا فِي أَحَدِهِمَا فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ الْقِصَاصَ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ لَا يَتَبَعَّضُ وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتَصَّ دُونَ بَعْضٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>