سَوَاءٌ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ يَمِينٌ وَهُوَ مُولٍ إنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْكَذِبَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ الْيَمِينِ فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ قَالَ كُلُّ حَلَالٍ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ نَوَى جَمِيعَ الْمُبَاحَاتِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ نَوَى الطَّعَامَ دُونَ غَيْرِهِ أَوْ شَرَابًا أَوْ لِبَاسًا دُونَ غَيْرِهِ أَوْ امْرَأَتَهُ دُونَ غَيْرِهَا صُدِّقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ خَاصَّةً وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ أَوْ كَالدَّمِ أَوْ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ كَالْخَمْرِ إنْ نَوَى كَذِبًا فَهُوَ كَذِبٌ وَإِنْ نَوَى التَّحْرِيمَ فَهُوَ إيلَاءٌ وَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ.
وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ أُمِّي يُرِيدُ بِهِ التَّحْرِيمَ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا جَعَلَهَا مِثْلَ أُمِّهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ أَنْتِ أُمِّي فَهُوَ كَذِبٌ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ مِنِّي حَرَامٌ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى فِي إحْدَاهُمَا الطَّلَاقَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْإِيلَاءَ فَهُمَا طَالِقَتَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاحِدَ لَا يُحْمَلُ عَلَى أَمْرَيْنِ فَإِذَا أَرَادَهُمَا حُمِلَ عَلَى أَغْلَظِهِمَا فَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ قَالَ هَذِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي الطَّلَاقَ وَهَذِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي الْيَمِينَ كَانَ عَلَى مَا نَوَى؛ لِأَنَّهُمَا لَفْظَانِ، وَإِنْ قَالَ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي فِي إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا، وَفِي الْأُخْرَى وَاحِدَةً فَهُمَا طَالِقَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَغْلَظِهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْخُلْعِ]
(كِتَابُ الْخُلْعِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ: مُشْتَقٌّ مِنْ الِانْخِلَاعِ وَمِنْهُ خَلْعُ النَّعْلِ وَالْقَمِيصِ وَفِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْمَالُ فِيهِ مِنْ الْمَرْأَةِ تَبْذُلُهُ فَيَخْلَعُهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا وَحُكْمُهُ مِنْ جِهَتِهَا حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ حَتَّى يَجُوزَ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيَبْطُلَ بِإِعْرَاضِهَا وَيَجُوزَ لَهَا فِيهِ شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْأَخْطَارِ وَحُكْمُهُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ حُكْمُ التَّعْلِيقِ أَيْ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ حَتَّى لَا يَصِحَّ رُجُوعُهُ عَنْهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ شَرْطُ الْخِيَارِ وَلَا يَبْطُلُ بِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْخَطَرِ
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إذَا تَشَاقَّ الزَّوْجَانِ وَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ يَخْلَعُهَا بِهِ) الْمُشَاقَّةُ الْمُخَالَفَةُ وَالتَّبَاعُدُ عَنْ الْحَقِّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شِقٍّ عَلَى حِدَةٍ وَلَمْ يُدْرِ مِنْ أَيِّهِمَا جَاءَ النُّشُوزُ وَحُدُودُ اللَّهِ مَا يَلْزَمُهُمَا مِنْ مُوجِبِ النِّكَاحِ وَهُوَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا وَلَهَا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا شُرِطَ التَّشَاقُقُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا نُشُوزٌ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا (قَوْلُهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَقَعَ بِالْخُلْعِ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً) سَوَاءٌ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ إذَا كَانَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَالٌ؛ لِأَنَّ بِذِكْرِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ الْخُلْعِ يَتَعَيَّنُ الِانْخِلَاعُ مِنْ النِّكَاحِ مُرَادًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُقَابِلْهُ مَالٌ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مُقَابَلَتِهِ الْمَالُ فَوُجُودِ الْمَالِ مُغْنٍ عَنْ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ الْمَالَ إلَّا لِتَسْلَمَ لَهَا نَفْسُهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ ثُمَّ الْخُلْعُ عِنْدَنَا طَلَاقٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَسْخٌ وَفَائِدَتُهُ إذَا خَالَعَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَادَتْ إلَيْهِ بِتَطْلِيقَتَيْنِ لَا غَيْرُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ بِثَلَاثٍ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ) ؛ لِأَنَّهُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ يَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَيَسْتَحِقُّ الْعِوَضُ مِنْهَا وَقَدْ وُجِدَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَزِمَهَا الْمَالُ وَلَا يَصِحُّ الْخُلْعُ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ إلَّا بِالْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ.
فَإِنْ قَامَتْ مِنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَجْلِسُهَا لَا مَجْلِسُهُ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَبِلَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ صَحَّ قَبُولُهَا وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَزِمَهَا الْمَالُ وَالْخُلْعُ مِنْ جَانِبِهِ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْأَخْطَارِ وَمِنْ جَانِبِهَا بِمَنْزِلَةِ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ حَتَّى إنَّهَا تَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ قَبُولِ الزَّوْجِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْأَخْطَارِ بَيَانُهُ إذَا قَالَ خَالَعْت امْرَأَتِي عَلَى أَلْفٍ أَوْ طَلَّقْتهَا عَلَى أَلْفٍ وَهِيَ غَائِبَةٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا، وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي قَالَتْ ذَلِكَ وَهُوَ غَائِبٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى إذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ فَأَجَازَهُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ لَا يَجُوزُ قَالَ الْكَرْخِيُّ إذَا ابْتَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ خَالَعْتُكِ عَلَى أَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute