للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِمَا جَمِيعًا لَا يُسْقِطُ إلَّا مَا سَمَّيَاهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ وَكَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَهَا مَا سَمَّتْ لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ بِنِصْفِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ بَارَأَهَا أَوْ خَالَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَهْرُ كُلُّهُ لَهَا وَلَا يَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ.

وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْ مِنْهُ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلِلزَّوْجِ مَا سَمَّتْ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَهْرِ.

وَفِي التَّتِمَّةِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ وَقَبِلَتْ هَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ هَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْقُطُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهِ إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ بِنِصْفِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفِي شَرْحِهِ إذَا خَالَعَهَا أَوْ بَارَأَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَكَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي الْمُبَارَأَةِ وَأَمَّا فِي الْخُلْعِ فَلَمْ يُوَافِقْهُ وَقَالَ إنَّ الْخُلْعَ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي كِلَيْهِمَا هُوَ كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فَأَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي الْخُلْعِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُبَارَأَةِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إنْ كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بَرِئَ الزَّوْجُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَجَبَ لَهَا بِالنِّكَاحِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ وَالْكِسْوَةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَةِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا سَلَّمَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَةِ فَكَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا مَا سَمَّيَا عِنْدَ الْخُلْعِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْقُطُ إلَّا مَا سَمَّيَا سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَةِ فَعَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ النِّصْفِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ لَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا جَمِيعُ مَا سَمَّتْ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنٌ غَيْرُ الْمَهْرِ بِسَبَبٍ آخَرَ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ الَّذِي احْتَرَزَ بِهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ.

[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ الظِّهَارِ]

الظِّهَارُ: هُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِهَا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ.

وَأَصْلُ ثُبُوتِهِ أَوَّلُ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ نَزَلَتْ فِي خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ امْرَأَةٍ مِنْ الْخَزْرَجِ وَفِي زَوْجِهَا أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «وَكَانَتْ خَوْلَةُ حَسَنَةَ الْجِسْمِ فَرَآهَا زَوْجُهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ فِي صَلَاتِهَا فَنَظَرَ إلَى عَجُزِهَا فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ صَلَاتِهَا رَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ عَلَيْهِ فَغَضِبَ وَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ وَقَالَتْ وَاَلَّذِي نَفْسُ خَوْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَصِلُ إلَيَّ وَقَدْ قُلْت مَا قُلْت حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَنَا وَيَحْكُمَ اللَّهُ فِي وَفِيك بِحُكْمِهِ قَالَتْ خَوْلَةُ فَوَقَعَ عَلَيَّ فَدَفَعْته بِمَا تَدْفَعُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الضَّعِيفَ ثُمَّ خَرَجْت إلَى جِيرَتِي فَأَخَذْت مِنْهُمْ ثِيَابًا فَلَبِسْتهَا وَمَضَيْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدْت عَائِشَةَ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ تَزَوَّجَنِي وَأَنَا شَابَّةٌ مَرْغُوبٌ فِي وَكُنْت غَنِيَّةً ذَاتَ مَالٍ وَأَهْلٍ حَتَّى إذَا أَكَلَ مَالِي وَأَفْنَى شَبَابِي وَتَفَرَّقَ أَهْلِي وَكَبِرَ سِنِي وَنَثَرْت لَهُ دَاءَ بَطْنِي ظَاهَرَ مِنِّي وَجَعَلَنِي كَأُمِّهِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ وَلِي مِنْهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ إنْ ضَمَمْتَهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا وَإِنْ ضَمَمْتَهُمْ إلَيَّ جَاعُوا فَهَلْ شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاهُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَرَاك إلَّا قَدْ حَرُمْت عَلَيْهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا وَإِنَّهُ زَوْجِي وَابْنُ عَمِّي وَأَبُو أَوْلَادِي وَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>