سَوَاءٌ كَانَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا
[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]
قَوْلُهُ (وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ عِتْقُ رَقَبَةٍ يَجْرِي فِيهَا مَا يَجْرِي فِي الظِّهَارِ) يَعْنِي يُجْزِئُهُ عِتْقُ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ وَالْكَافِرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فَإِنْ قِيلَ: الصَّغِيرُ لَا مَنَافِعَ فِي أَعْضَائِهِ فَهُوَ كَالزَّمِنِ قُلْنَا: مَنَافِعُ أَعْضَائِهِ كَامِلَةٌ وَإِنَّمَا فِيهَا ضَعْفٌ فَهُوَ كَالْكَبِيرِ الضَّعِيفِ وَإِنْ أَعْتَقَ حَمْلًا لَا يَجُوزُ وَإِنْ وُلِدَ بَعْدَ يَوْمٍ حَيًّا لِأَنَّهُ نَاقِصُ الْخَلْقِ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ فَهُوَ كَالْأَعْمَى وَإِنْ أَعْتَقَ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّ رِقَّهُمْ نَاقِصٌ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِ بَيْعِهِمْ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ إنْ كَانَ قَدْ أَدَّى شَيْئًا لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا جَازَ وَيَجُوزُ عِتْقُ الْآبِقِ وَالْأَعْوَرِ وَمَقْطُوعِ إحْدَى الْيَدَيْنِ أَوْ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ وَلَا يُجْزِيهِ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَكَذَا لَا يُجْزِيهِ عِتْقُ الْمَجْنُونِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ فَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ أَجْزَأَهُ وَيَجُوزُ الْأَصَمُّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ إذَا صِيحَ فِي أُذُنِهِ يَسْمَعُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَجُوزُ الْمُقْعَدُ وَلَا يَابِسُ الشِّقِّ وَلَا الزَّمِنُ وَلَا أَشَلُّ الْيَدَيْنِ وَلَا مَقْطُوعُ الْإِبْهَامِ وَلَا الْأَعْمَى وَلَا الْأَخْرَسُ وَإِنْ أَعْتَقَ مُبَاحَ الدَّمِ أَجْزَأَهُ إلَّا الْمُرْتَدَّ وَإِنْ اشْتَرَى أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَوْ ابْنَهُ يَنْوِي بِالشِّرَاءِ الْعِتْقَ عَنْ يَمِينِهِ أَجْزَأَهُ وَيَجُوزُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ وَالْأَنْفِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ السَّمْعِ وَالشَّمِّ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا فَاتَتْ الزِّينَةُ وَيَجُوزُ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ لِأَنَّ عَدَمَهُ أَصْلًا لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ بِأَنْ كَانَ أُنْثَى وَيَجُوزُ الْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْعِنِّينُ وَالرَّتْقَاءُ وَلَا يُجْزِئُ الذَّاهِبُ الْأَسْنَانِ وَلَا مَقْطُوعُ الشَّفَتَيْنِ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَكْلِ فَإِنْ قَدَرَ أَجْزَأَهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ كَسَا عَشَرَةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبًا فَمَا زَادَ وَأَدْنَاهُ مَا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ) وَلَا يُجْزِيهِ الْعِمَامَةُ وَالْقَلَنْسُوَةُ وَالْخُفَّانِ لِأَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ كِسْوَةً وَأَمَّا السِّرْوَالُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَوْبٍ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَسَائِرَ بَدَنِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُجْزِيهِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجُوزُ فِيهِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَسَا رَجُلًا أَمَّا إذَا كَسَا امْرَأَةً فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَزِيدَهَا خِمَارًا لِأَنَّ رَأْسَهَا عَوْرَةٌ وَلَا يَجُوزُ لَهَا الصَّلَاةُ مَعَ كَشْفِهِ وَلَوْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا وَاحِدًا وَهُوَ يُسَاوِي عَشَرَةَ أَثْوَابٍ لَا يُجْزِيهِ إلَّا عِنْدَ أَبِي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ إطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَجْزَأَهُ عَنْ الْإِطْعَامِ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُجْزِيهِ مَا لَمْ يَنْوِهِ عَنْ الْإِطْعَامِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَأَمَّا إذَا أَعْطَاهُمْ دَرَاهِمَ وَهِيَ لَا تَبْلُغُ قِيمَةَ الْكِسْوَةِ وَتَبْلُغُ قِيمَةَ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ عَنْ الطَّعَامِ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ لَا تَبْلُغُ قِيمَةَ الطَّعَامِ وَتَبْلُغُ قِيمَةَ الْكِسْوَةِ جَازَ عَنْ الْكِسْوَةِ وَلَوْ كَسَا خَمْسَةً وَأَطْعَمَ خَمْسَةً أَجْزَأَهُ قَوْلُهُ (وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ) وَيُجْزِئُ فِي الْإِطْعَامِ التَّمْلِيكُ وَالتَّمْكِينُ فَالتَّمْلِيكُ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ دَقِيقِهِ أَوْ سَوِيقِهِ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ.
وَأَمَّا الزَّبِيبُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْحِنْطَةِ يُجْزِئُ مِنْهُ نِصْفُ صَاعٍ وَفِي رِوَايَةٍ كَالشَّعِيرِ وَأَمَّا مَا عَدَا هَذِهِ الْحُبُوبُ كَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ فَلَا يُجْزِيهِ إلَّا عَلَى طَرِيقِ الْقِيمَةِ أَيْ يُخْرِجُ مِنْهَا قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ قِيمَةَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي سَائِرِ الْحُبُوبِ تَمَامُ كَيْلِهِ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهَا وَأَمَّا التَّمْكِينُ فَهُوَ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَيُعَشِّيَهُمْ فَيَحْصُلُ لَهُمْ أَكْلَتَانِ مُشْبِعَتَانِ أَوْ يُعَشِّيَهُمْ عَشَاءَيْنِ أَوْ يُغَدِّيَهُمْ غَدَاءَيْنِ أَوْ يُعَشِّيَهُمْ وَيُسَحِّرَهُمْ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ بِغَيْرِ إدَامٍ لَا يُجْزِيهِ إلَّا فِي خُبْزِ الْحِنْطَةِ لَا غَيْرُ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ خُبْزًا أَوْ تَمْرًا أَوْ سَوِيقًا لَا غَيْرُ أَجْزَأَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ طَعَامِ أَهْلِهِ وَإِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشَرَةَ أَيَّامٍ غِذَاءً وَعَشَاءً أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ فِي كُلِّ أَكْلَةٍ إلَّا رَغِيفًا وَاحِدًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إشْبَاعُهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّقْدِيرُ فِي التَّمْلِيكِ وَإِنْ غَدَّى عَشَرَةً وَعَشَّى عَشَرَةً غَيْرَهُمْ لَمْ يُجْزِيهِ وَكَذَا إذَا غَدَّى مِسْكِينًا وَعَشَّى غَيْرَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ فَرَّقَ طَعَامَ الْعَشَرَةِ عَلَى عِشْرِينَ فَلَمْ يَحْصُلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْمِقْدَارُ الْمُقَدَّرُ كَمَا إذَا فَرَّقَ حِصَّةَ الْمِسْكِينِ وَلَوْ غَدَّى مِسْكِينًا وَأَعْطَاهُ قِيمَةَ الْعَشَاءِ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ أَجْزَأَهُ وَكَذَا إذَا فَعَلَهُ فِي عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فَغَدَّاهُمْ وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ عَشَائِهِمْ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ قَالَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَوْ غَدَّى مِسْكِينًا عِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ عَشَّاهُ فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ لَيْلَةً أَجْزَأَهُ لِأَنَّ سَدَّ الْجَوْعَةِ فِي أَيَّامٍ لِوَاحِدٍ كَسَدِّ الْجَوْعَةِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لِجَمَاعَةٍ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ.
وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا طَعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute