تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ فَاسِقًا ثُمَّ تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ فِسْقَهُ زَالَ بِالتَّوْبَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْكِتَابِ مُدَّةَ ظُهُورِ التَّوْبَةِ فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ مُقَدَّرَةٌ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بِسَنَةٍ وَالصَّحِيحُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي وَالثَّانِي إنْ كَانَ مَسْتُورًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا فِي الْحُكْمِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَشَاهِدُ الزُّورِ هُوَ الْمُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ إذْ لَا طَرِيقَ إلَى إثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ نَفْيٌ لِلشَّهَادَةِ وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَشْهَدَ بِقَتْلِ رَجُلٍ ثُمَّ يَجِيءُ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا حَتَّى يَثْبُتَ كَذِبُهُ بِيَقِينٍ أَمَّا إذَا قَالَ أَخْطَأْت فِي الشَّهَادَةِ أَوْ غَلِطْت لَا يُعَزَّرُ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: نُوجِعُهُ ضَرْبًا وَنَحْبِسُهُ) لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ بِشَاهِدِ الزُّورِ حَتَّى عُزِّرَ وَسَخِمَ وَجْهُهُ وَطِيفَ بِهِ وَحُبِسَ قُلْنَا: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يُعَزَّرُ وَلِهَذَا جَمَعَ عُمَرُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرَ وَالتَّسْخِيمَ وَالشُّهْرَةَ وَالْحَبْسَ
[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]
(كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ) هَذَا الْبَابُ لَهُ رُكْنٌ وَشَرْطٌ وَحُكْمٌ فَرُكْنُهُ قَوْلُ الشَّاهِدِ رَجَعْت عَمَّا شَهِدْت بِهِ أَوْ شَهِدْت بِزُورٍ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَاضِي وَحُكْمُهُ إيجَابُ التَّعْزِيرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ رَجَعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِ أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهَا وَالضَّمَانُ مَعَ التَّعْزِيرِ إنْ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا وَقَدْ أَزَالَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (إذَا رَجَعَ الشُّهُودُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا سَقَطَتْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يُتْلِفُوا بِهَا شَيْئًا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يُفْسَخْ الْحُكْمُ وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ بِشَهَادَتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ اعْتَرَفُوا بِالتَّعَدِّي فَلَزِمَهُمْ الضَّمَانُ
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلشَّهَادَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي وَالْمُرَادُ أَيُّ حَاكِمٍ كَانَ وَلَا يُشْتَرَطُ الَّذِي حَكَمَ وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رُجُوعَهُمَا لَمْ تُقْبَلْ خُصُومَتُهُ وَإِنْ أَرَادَ يَمِينَهُمَا لَا يَحْلِفَانِ وَكَذَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ ادَّعَى رُجُوعًا بَاطِلًا.
(قَوْلُهُ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمَالٍ فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ التَّسَبُّبَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي سَبَبٌ لِلضَّمَانِ كَمَا فِي الْيَدِ وَقَدْ تَسَبَّبَا لِلْإِتْلَافِ تَعَدِّيًا وَإِنَّمَا يَضْمَنَانِ إذَا قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِهِ يَتَحَقَّقُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ النِّصْفَ) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ بَقَاءُ مَنْ بَقِيَ لَا رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ نِصْفُ الْحَقِّ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بِالْمَالِ ثَلَاثَةٌ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِ كُلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute