فَأَوْجَبَ ذَلِكَ خُبْثًا فِيهِ فَكَانَ مَحْظُورًا فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ وَلَكِنَّهُ بَاعَهُ صَحَّ بَيْعُهُ وَلَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي كَمَا لَا يَطِيبُ لِلْأَوَّلِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا بِأَمَانٍ لَمْ يُمَكَّنْ أَنْ يُقِيمَ فِي دَارِنَا سَنَةً) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَامَ فِي دَارِنَا وَقَفَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْنَا الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونُ عَيْنًا لَهُمْ وَعَوْنًا عَلَيْنَا وَيُمَكَّنُ مِنْ الْإِقَامَةِ الْيَسِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ رَغْبَةٌ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ فَيَدْخُلُ فِيهِ وَلِأَنَّ فِي مَنْعِهِ مِنْ الْإِقَامَةِ الْيَسِيرَةِ قَطْعُ الْجَلَبِ وَسَدُّ بَابِ التِّجَارَةِ وَالْمِيرَةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ هِيَ السَّنَةُ وَالْيَسِيرَةُ مَا دُونَهَا قَوْلُهُ (وَيَقُولُ لَهُ الْإِمَامُ إذَا أَقَمْت تَمَامَ السَّنَةِ وَضَعْت عَلَيْك الْجِزْيَةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تُوضَعُ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ مِنْ وَقْتِ الْقَوْلِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ لَهُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَا دَخَلَ وَتُضْرَبُ لَهُ مُدَّةٌ عَلَى مَا يُرَى وَيَكُونُ دُونَ السَّنَةِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَيَقُولُ لَهُ إذَا جَاوَزَتْهَا جَعَلْتُك ذِمِّيًّا وَوَضَعْت عَلَيْك الْجِزْيَةَ قَوْلُهُ (فَإِنْ أَقَامَ سَنَةً أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَصَارَ ذِمِّيًّا وَلَمْ يُتْرَكْ أَنْ يَرْجِعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَامَ بَعْدَ هَذَا صَارَ مُلْتَزِمًا لِلْجِزْيَةِ فَإِذَا أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ صَارَ ذِمِّيًّا وَالذِّمِّيّ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ
قَوْلُهُ (فَإِنْ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَتَرَكَ وَدِيعَةً عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِمْ فَقَدْ صَارَ دَمُهُ مُبَاحًا بِالْعَوْدِ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ أَمَانَهُ بِرُجُوعِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ (وَمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ مَالِهِ عَلَى خَطَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَمَانِ حَظَرَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَزَوَالُ الْحَظْرِ عَنْ دَمِهِ لَا يُزِيلُ الْحَظْرَ عَنْ مَالِهِ فَبَقِيَ مَالُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ أُسِرَ أَوْ ظَهَرَ عَلَى الدَّارِ فَقُتِلَ سَقَطَتْ دُيُونُهُ وَصَارَتْ الْوَدِيعَةُ فَيْئًا) أَمَّا الْوَدِيعَةُ فَلِأَنَّهَا فِي يَدِهِ تَقْدِيرًا لِأَنَّ يَدَ الْمُودِعِ كَيَدِهِ فَيَصِيرُ فَيْئًا تَبَعًا لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَلِأَنَّ الْيَدَ عَلَيْهِ بِوَاسِطَةِ الْمُطَالَبَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ وَيَدُ مَنْ عَلَيْهِ أَسْبَقُ مِنْ الْيَدِ الْعَامَّةِ فَيَخْتَصُّ بِهِ فَيَسْقُطُ
[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]
قَوْلُهُ (وَمَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ أَسْرَعُوا إلَى أَخْذِهِ (مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ) الْإِيجَافُ هُوَ الْإِسْرَاعُ وَالْإِزْعَاجُ لِلْغَيْرِ وَالْوَجِيفُ نَوْعٌ مِنْ السَّيْرِ فَوْقَ التَّقْرِيبِ وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ صُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ مِثْلُ الْأَرَضِينَ الَّتِي أَجْلَوْا أَهْلَهَا عَنْهَا لَا خُمْسَ فِيهَا وَقَوْلُهُ كَمَا يُصْرَفُ الْخَرَاجُ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ قِسْمَةَ الْغَنِيمَةِ وَلَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ
قَوْلُهُ (وَأَرْضُ الْعَرَبِ كُلُّهَا أَرْضُ عَشْرٍ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إلَى أَقْصَى حَجَرٍ بِالْيَمَنِ بِمَهْرَةَ إلَى حَدِّ الشَّامِ) الْعُذَيْبُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْكُوفَةِ وَقَوْلُهُ حَجَرٍ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute