قَوْلُهُ (وَلَا يَدْفَعُ إلَى أَغْنِيَائِهِمْ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ قَوْلُهُ (فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ الْخُمْسِ فَإِنَّمَا هُوَ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ تَعَالَى وَسَهْمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَقَطَ بِمَوْتِهِ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ) وَهُوَ شَيْءٌ كَانَ يَصْطَفِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِثْلُ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَوْلُهُ (وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنُّصْرَةِ) وَبِمَوْتِهِ زَالَتْ النُّصْرَةُ.
قَوْلُهُ (وَبَعْدَهُ بِالْفَقْرِ) يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَكُونُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ وَكَانَ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةً هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو نَوْفَلٍ لَا يُعْطَوْنَ مِنْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً لِمَا رُوِيَ أَنَّ «جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ قَسَمْت يَا رَسُولَ اللَّهِ لِإِخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا وَقَرَابَتُنَا مِثْلُ قَرَابَتِهِمْ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ شَيْءٌ وَاحِدٌ إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هَكَذَا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا وَحَمَلْنَاهُمْ كِبَارًا» وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُعْطِ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَتَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ فَمَا بَالُ إخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَمَنَعْتَنَا وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَةٌ فَقَالَ إنَّا وَبَنُو الْمُطَّلِبِ لَمْ نَفْتَرِقْ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَإِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إنَّمَا هُوَ بِالنُّصْرَةِ لَا بِالْقَرَابَةِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ دَارَ الْحَرْبِ مُغِيرِينَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَأَخَذُوا شَيْئًا لَمْ يُخَمَّسْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ إذْ الْغَنِيمَةُ هِيَ الْمَأْخُوذَةُ قَهْرًا وَغَلَبَةً لَا اخْتِلَاسًا وَسَرِقَةً، وَأَمَّا إذَا دَخَلَ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ وَالْبَاقِي لِمَنْ أَصَابَهُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَى طَرِيقِ التَّلَصُّصِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ بِظَهْرِهِ لَا بِالتَّلَصُّصِ قَوْلُهُ (وَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنْعَةٌ فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ) لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَهَا مَنْعَةٌ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ قَهْرًا وَغَنِيمَةً وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً لَا مَنَعَةَ لَهُمْ وَدَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَأَخَذُوا شَيْئًا لَمْ يُخَمَّسْ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ إذْ الْغَنِيمَةُ مَا أُخِذَتْ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ وَهَؤُلَاءِ كَاللُّصُوصِ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَسِرُّونَ بِمَا يَأْخُذُونَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً فَمَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ لَهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ تَاجِرًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا مِنْ دِمَائِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ بِالِاسْتِئْمَانِ فَالتَّعَرُّضُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ غَدْرًا وَالْغَدْرُ حَرَامٌ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ فَيُبَاحُ لَهُ التَّعَرُّضُ وَإِنْ أَطْلَقُوهُ طَوْعًا قَوْلُهُ (وَإِنْ غَدَرَ بِهِمْ وَأَخَذَ شَيْئًا وَخَرَجَ بِهِ مَلَكَهُ مِلْكًا مَحْظُورًا وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِ الْغَدْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute