وَالْمُقْرِفُ دَنِيءُ الْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا بِأَنْ يَكُونَا أَعْجَمِيَّيْنِ وَفِي الصِّحَاحِ الْمُقْرِفُ هُوَ الدَّنِيءُ الْهُجْنَةِ مِنْ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقْرَافَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْفَحْلِ
قَوْلُهُ (وَلَا يُسْهِمُ لِرَاحِلَةٍ وَلَا بَغْلٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ بَعِيرٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ حِمَارٌ فَهُوَ وَالرَّاجِلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْخَيْلِ مَعْدُومٌ فِيهِمْ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ) وَسَوَاءٌ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِتَالِ فَحَضَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يُسْهِمُ لَهُ وَإِنْ غَصَبَهُ وَحَضَرَ بِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ فَنَفَقَ أَيْ مَاتَ يُقَالُ نَفَقَتْ الدَّابَّةُ وَمَاتَ الْإِنْسَانُ وَتَنْبَلَ الْبَعِيرُ كُلُّهُ بِمَعْنَى هَلَكَ وَسَوَاءٌ بَقِيَ فَرَسُهُ مَعَهُ حَتَّى حَصَلَتْ الْغَنِيمَةُ أَوْ مَاتَ حِينَ دَخَلَ بِهِ أَوْ أَخَذَهُ الْعَدُوُّ أَوْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ قَبْلَ حُصُولِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ فَارِسٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا مَاتَ فَرَسُهُ قَبْلَ الْقِتَالِ فَهُوَ رَاجِلٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا حَالَةُ الْمُجَاوَزَةِ وَعِنْدَهُ حَالَةُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ وَقُلْنَا الْمُجَاوَزَةُ نَوْعُ قِتَالٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُمْ الْخَوْفُ بِهَا وَإِنْ دَخَلَ فَارِسًا ثُمَّ بَاعَ فَرَسَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَارَهُ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَبْطُلُ سَهْمُ الْفَرَسِ وَيَأْخُذُ سَهْمُ رَاجِلٍ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِالْمُجَاوَزَةِ الْقِتَالَ فَارِسًا وَلِأَنَّ بَيْعَهُ لَهُ رِضًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا نَفَقَ فَرَسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ رِضًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمِ فَارِسٍ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْ حَصَلَ وَهُوَ دُخُولُهُ فَارِسًا وَبَيْعُ الْفَرَسِ كَمَوْتِهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفَرَسِ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ لِأَنَّ بَيْعَهُ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ التِّجَارَةُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ عِزَّتَهُ قَوْلُهُ (وَمَنْ دَخَلَ رَاجِلًا فَاشْتَرَى فَرَسًا اسْتَحَقَّ سَهْمَ رَاجِلٍ) وَكَذَا إذَا اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ بِحَالَةِ الدُّخُولِ وَقَالَ الْحَسَنُ إذَا دَخَلَ رَاجِلًا وَاشْتَرَى فَرَسًا أَوْ وُهِبَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمَ الْعَسْكَرَ شَيْئًا ثُمَّ قَاتَلَ عَلَيْهِ مَعَهُمْ حَتَّى غَنِمُوا ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِ فَارِسٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالدُّخُولِ الْقِتَالُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَالَةَ الْقِتَالِ أَكْثَرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَالَةَ الدُّخُولِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ دَخَلَ فَارِسًا فَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا بَاعَ فَرَسَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ أَعَارَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَقَطَ سَهْمُ فَرَسِهِ فَإِنْ اشْتَرَى مَكَانَهُ آخَرَ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمَ فَارِسٍ
قَوْلُهُ (وَلَا يُسْهَمُ لِمَمْلُوكٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا ذِمِّيٍّ وَلَكِنْ يَرْضَخُ لَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى) وَلَا يَبْلُغُ بِهِ السَّهْمَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ عَاجِزَانِ وَالْعَبْدَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إلَّا أَنَّهُ يَرْضَخُ لَهُمْ تَحْرِيضًا عَلَى الْقِتَالِ وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ لِقِيَامِ الرِّقِّ فِيهِ وَتَوَهُّمِ عَجْزِهِ فَيَمْنَعُهُ الْمَوْلَى عَنْ الْخُرُوجِ إلَى الْقِتَالِ وَإِنَّمَا يَرْضَخُ لِلْعَبْدِ إذَا قَاتَلَ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى أَمَّا إذَا دَخَلَتْ لِخِدْمَةِ زَوْجِهَا أَوْ الْعَبْدُ لِخِدْمَةِ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْعَبْدِ قَتْلٌ وَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ مُدَاوَاةٌ وَلَا نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا يَرْضَخُ لَهُمْ أَصْلًا وَكَذَا الذِّمِّيُّ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ غَدْرُهُمْ وَخِيَانَتُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا حَضَرُوا وَقَاتَلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَرْضَخُ لَهُمْ وَلَا يَبْلُغُ لِرَجَّالَتِهِمْ سَهْمَ الرَّجَّالَةِ وَلَا لِفُرْسَانِهِمْ سَهْمَ الْفُرْسَانِ لِنُقْصَانِ مَنْزِلَتِهِمْ وَانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِمْ
قَوْلُهُ (فَأَمَّا الْخُمْسُ فَيُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى) وَيُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْفَقْرُ قَوْلُهُ (وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ) وَابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ قَوْلُهُ (وَيَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ) أَيْ أَيْتَامُ ذَوِي الْقُرْبَى يَدْخُلُونَ فِي سَهْمِ الْيَتَامَى وَمَسَاكِين ذَوَى الْقُرْبَى يَدْخُلُونَ فِي سَهْمِ الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنْ ذَوَى الْقُرْبَى كَذَلِكَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَقَوْلُهُ ذَوِي الْقُرْبَى يَعْنِي قَرَابَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُهُ (وَيُقَدَّمُونَ) أَيْ يُقَدَّمُ ذَوُو الْقُرْبَى عَلَى الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَهُمْ فِي الْآيَةِ فَقَالَ تَعَالَى {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute