للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ فَحْلٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا زَوْجٍ وَالشَّهْوَةُ مُتَحَقِّقَةٌ لِجَوَازِ النِّكَاحِ فِي الْجُمْلَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رَخَّصَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَقْبِيلِ يَدِ الْعَالِمِ وَالْمُتَوَرِّعِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّكِ وَقَالَ سُفْيَانُ تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالَمِ سُنَّةٌ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْقُبْلَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ قُبْلَةُ تَحِيَّةٍ وَهُوَ أَنْ يُقَبِّلَ بَعْضُنَا بَعْضًا عَلَى الْيَدِ وَقُبْلَةُ رَحْمَةٍ وَهِيَ قُبْلَةُ الْوَالِدَيْنِ وَلَدَهُمَا عَلَى الْخَدِّ وَقُبْلَةُ شَفَقَةٍ وَهِيَ تَقْبِيلُ الْوَلَدِ وَالِدَيْهِ عَلَى رُءُوسِهِمَا وَقُبْلَةُ مَوَدَّةٍ وَهِيَ تَقْبِيلُ الْأَخِ أَخَاهُ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَهُوَ تَقْبِيلُ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ عَلَى الْفَمِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ قُبْلَةَ دِيَانَةٍ وَهُوَ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ

قَوْلُهُ (وَيَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا) لِأَنَّ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ عَلَى مَوْلَاهَا قَوْلُهُ (وَلَا يَعْزِلُ عَنْ زَوْجَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا) هَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً أَمَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَالْإِذْن فِي ذَلِكَ إلَى مَوْلَاهَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْأَمَةِ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْوَطْءِ يَحْصُلُ لَهَا وَالْعَزْلُ نَقْصٌ فِيهِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ إذْنِهَا كَالْحُرَّةِ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَوْلَى أَحَقُّ بِإِمْسَاكِ وَلَدِهَا وَبِبَذْلِ وَطْئِهَا

[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي بَلَدٍ يَضُرُّ الِاحْتِكَارُ بِأَهْلِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ» فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَضُرُّ بِأَهْلِهِ بِأَنْ كَانَ مِصْرًا كَبِيرًا فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَابِسٌ لِمِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ بِغَيْرِهِ وَكَذَا التَّلَقِّي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَخُصَّ الِاحْتِكَارُ بِالْأَقْوَاتِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْقَتِّ وَالتِّبْنِ وَالْحَشِيشِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كُلُّ مَا أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ حَبْسُهُ فَهُوَ احْتِكَارٌ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ ثِيَابًا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا احْتِكَارَ فِي الثِّيَابِ وَصِفَةُ الِاحْتِكَارِ الْمَكْرُوهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّعَامَ مِنْ السُّوقِ أَوْ مِنْ قُرْبِ ذَلِكَ الْمِصْرِ الَّذِي يُجْلَبُ طَعَامُهُ إلَى الْمِصْرِ فِي حَالِ عَوَزِهِ ثُمَّ الْمُدَّةُ إذَا قَصُرَتْ لَا يَكُونُ احْتِكَارًا وَإِذَا طَالَتْ كَانَ احْتِكَارًا ثُمَّ قِيلَ هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ» وَقِيلَ بِالشَّهْرِ لِأَنَّ مَا دُونَهُ قَلِيلٌ عَاجِلٌ وَمَا فَوْقَهُ كَثِيرٌ آجِلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التِّجَارَةَ فِي الطَّعَامِ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ قَوْلُهُ (وَمَنْ احْتَكَرَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ أَوْ مَا جَلَبَهُ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَلَيْسَ بِمُحْتَكَرٍ) أَمَّا إذَا احْتَكَرَ غَلَّةَ ضَيْعَتِهِ فَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْعَامَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَزْرَعَهَا فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ لَا يَبِيعَ، وَأَمَّا مَا جَلَبَهُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَالْمَذْكُورُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ حَقَّ الْعَامَّةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا جُمِعَ مِنْ الْمِصْرِ وَجُلِبَ إلَى فِنَائِهَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُكْرَهُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ»

[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

قَوْلُهُ (وَلَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ «السِّعْرَ غَلَا فِي الْمَدِينَةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ سَعَّرْت فَقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ» وَلِأَنَّ الثَّمَنَ حَقُّ الْعَاقِدِ فَإِلَيْهِ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِحَقِّهِ إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ دَفْعُ ضَرَرِ الْعَامَّةِ وَإِذَا وَقَعَ الضَّرَرُ بِأَهْلِ الْبَلَدِ وَاضْطُرُّوا إلَى الطَّعَامِ وَرَفَعُوا أَمْرَهُمْ إلَى الْقَاضِي أَمَرَ الْمُحْتَكِرَ أَنْ يَبِيعَ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ عَلَى اعْتِبَارِ السَّعَةِ فِي ذَلِكَ وَيَنْهَاهُ عَنْ الِاحْتِكَارِ فَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى حَبَسَهُ وَعَزَّرَهُ عَلَى مَا يَرَى زَجْرًا لَهُ وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ قَالَ مُحَمَّدٌ أُجْبِرُ الْمُحْتَكَرِينَ عَلَى بَيْعِ مَا احْتَكَرُوا وَلَا أُسَعِّرُ وَأَقُولُ لَهُمْ بِيعُوا كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ وَبِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهَا وَلَا أَقُولُ لَهُمْ بِيعُوا بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَإِذَا خَافَ الْإِمَامُ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْهَلَاكَ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ الْمُحْتَكَرِينَ وَفَرَّقَهُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا وَجَدُوا سَعَةً رَدُّوا مِثْلَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِحَجْرٍ إنَّمَا هُوَ لِلضَّرُورَةِ مَنْ اُضْطُرَّ إلَى مَالِ غَيْرِهِ وَخَافَ الْهَلَاكَ جَازَ لَهُ تَنَاوُلُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ

[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ) مَعْنَاهُ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ كَالْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَعُونَةً عَلَيْنَا وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَةِ فَلَا بَأْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>