أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يَزِيدَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَرَاضِيهمْ تَحْمِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ قَدْرَ الْخَرَاجِ أُخِذَ نِصْفُهُ وَإِنْ أَخْرَجَتْ مِثْلَيْ الْخَرَاجِ أُخِذَ الْخَرَاجُ كُلُّهُ وَيُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْ أَرْضِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ غَلَبَ عَلَى أَرْضِ الْخَرَاجِ الْمَاءُ وَانْقَطَعَ عَنْهَا أَوْ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ نَزَّةً أَوْ سَبِخَةً وَقَوْلُهُ أَوْ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ يَعْنِي إذَا ذَهَبَ كُلُّ الْخَارِجِ أَمَّا إذَا ذَهَبَ بَعْضُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ الْخَرَاجِ وَمِثْلُهُ بِأَنْ بَقِيَ مِقْدَارُ قَفِيزَيْنِ وَدِرْهَمَيْنِ يَجِبُ الْخَرَاجُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ مِقْدَارِ الْخَرَاجِ أُخِذَ نِصْفُهُ قَالَ مَشَايِخُنَا وَالصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يَنْظُرَ أَوَّلًا مَا أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى الْخَارِجِ فَيَحْسِبُ مَا أَنْفَقَ أَوَّلًا مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْهُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّاهُ وَمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْخَرَاجَ يَسْقُطُ بِالِاصْطِلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ أَمَّا إذَا بَقِيَ ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ وَقَوْلُهُ أَوْ اصْطَلَمَ الزَّرْعَ آفَةٌ يَعْنِي سَمَاوِيَّةً لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَالِاحْتِرَاقِ وَنَحْوِهِ أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَأَكْلِ الْقِرَدَةِ وَالسِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ وَنَحْوِهِ لَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ عَلَى الْأَصَحِّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْخَارِجِ قَبْلَ الْحَصَادِ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ وَهَلَاكَهُ بَعْدَ الْحَصَادِ لَا يُسْقِطُهُ وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ لَمْ يُؤْخَذْ خَرَاجُ الْأَرْضِ مِنْ تَرِكَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَذَكَرَ فِي زَكَاةِ الْأَصْلِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ بِخِلَافِ الْعُشْرِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ يَسْقُطُ قَوْلُهُ (وَإِنْ عَطَّلَهَا صَاحِبُهَا فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَهُوَ الَّذِي فَوَّتَ الزِّرَاعَةَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْخَرَاجُ مُوَظَّفًا أَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ وَمَنْ انْتَقَلَ إلَى أَخَسِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ خَرَاجُ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ضَيَّعَ الزِّيَادَةَ وَهَذَا يُعْرَفُ وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا تَتَجَزَّأَ الظُّلْمَةُ عَلَى أَخْذِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ
[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ أُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ عَلَى حَالِهِ) لِأَنَّ الْأَرْضَ اتَّصَفَتْ بِالْخَرَاجِ فَلَا تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْمَالِكِ
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُسْلِمُ أَرْضَ الْخَرَاجِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ وَلَا عُشْرَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ أَرْضَ الْخَرَاجِ فَعَلَيْهِ الْخَرَاجُ لَا غَيْرَ وَلَا عُشْرَ عَلَيْهِ وَلَا يَجْتَمِعُ خَرَاجٌ وَعُشْرٌ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ وَجَبَا فِي مَحَلَّيْنِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَتَنَافَيَانِ فَقَوْلُهُ حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ يَعْنِي أَنَّ أَحَدَهُمَا مُؤْنَةٌ فِي مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَهُوَ الْخَرَاجُ وَالثَّانِي مُؤْنَةٌ فِي مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَهُوَ الْعُشْرُ وَقَوْلُهُ فِي مَحَلَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ الْخَرَاجِ الذِّمَّةُ وَمَحَلَّ الْعُشْرِ الْخَارِجُ وَقَوْلُهُ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَسَبَبُ وُجُوبِ الْعُشْرِ النَّمَاءُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ وُجُودُ الْخَارِجِ وَسَبَبُ الْخَرَاجِ النَّمَاءُ التَّقْدِيرِيُّ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ يَجِبُ فِي أَرْضٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَقَهْرًا وَالْعُشْرُ فِي أَرْضٍ أَسْلَمَ أَهْلُهَا طَوْعًا وَالْوَصْفَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزَّكَاةُ مَعَ أَحَدِهِمَا كَمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا أَرْضَ عُشْرٍ أَوْ أَرْضُ خَرَاجٍ لِلتِّجَارَةِ كَانَ فِيهَا الْعُشْرُ أَوْ الْخَرَاجُ دُونَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ
[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]
قَوْلُهُ (وَالْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ جِزْيَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute