فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَحْنَثُ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَأَمَّا لَوْ انْصَبَّ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَحْنَثُ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ بِالِاتِّفَاقِ ثُمَّ عُدِمَ شَرْطُ الْبِرِّ فَحَنِثَ
قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ ثُمَّ وَجَدَ فُلَانٌ بَعْضَهُ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةَ أَوْ مُسْتَحَقَّةً لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الزِّيَافَةَ عَيْبٌ وَالْعَيْبُ لَا يُعْدِمُ الْجِنْسَ وَلِهَذَا لَوْ تَجَوَّزَ بِهَا صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَقَبْضُ الْمُسْتَحَقَّةِ صَحِيحٌ وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَدِّهَا الْبِرُّ الْمُتَحَقِّقُ، الزُّيُوفُ مَا رَدَّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَهِيَ دَرَاهِمُ فِيهَا غِشٌّ وَالنَّبَهْرَجَةُ مَا ضُرِبَ فِي غَيْرِ دَارِ الضَّرْبِ قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ رَصَاصًا حَنِثَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ، السَّتُّوقَةُ صُفْرٌ مُمَوَّهٌ بِالْفِضَّةِ وَهِيَ الْمُشَبَّهَةُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنِهِ عَبْدًا وَقَبَضَهُ بَرَّ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ طَرِيقُهُ الْمُقَاصَّةُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَإِنْ وَهَبَ لَهُ الدَّيْنَ لَمْ يَبَرَّ لِعَدَمِ الْمُقَاصَّةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلُهُ وَالْهِبَةُ إسْقَاطٌ مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْبِرِّ
قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ دَيْنَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَقَبَضَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَقْبِضَ جَمِيعَهُ مُتَفَرِّقًا) لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْكُلِّ لَكِنَّهُ بِوَصْفِ التَّفْرِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ أَضَافَ الْقَبْضَ إلَى دَيْنٍ مَعْرُوفٍ مُضَافٍ إلَيْهِ فَيَنْصَرِفُ إلَى كُلِّهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ وَلِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى جَمِيعِ دَيْنِهِ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ مُتَفَرِّقًا فَإِنْ أَخَذَ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ آخِذًا لِجَمِيعِهِ مُتَفَرِّقًا فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ أَخَذَ بَقِيَّتَهُ وَقَدْ كَانَ أَخَذَ بَعْضَهُ مُتَفَرِّقًا حَنِثَ لِأَنَّهُ عَدِمَ شَرْطَ الْبِرِّ وَلَوْ كَانَ قَالَ: إنْ قَبَضْت مِنْهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَقَبَضَ بَعْضَهُ وَمَضَى حَنِثَ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ أَخَذْت بَعْضَهُ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ وَقَدْ فَعَلَ حَنِثَ مُتَفَرِّقًا لِأَنَّهُ عَدِمَ شَرْطَ الْبِرِّ وَإِنْ قَالَ: إنْ قَبَضْت الْيَوْمَ دِرْهَمًا دُونَ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ بَعْضَهُ وَأَخَذَ الْبَاقِيَ فِي آخِرِ النَّهَارِ حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ مُتَفَرِّقًا فِي الْيَوْمِ وَقَدْ أَخَذَهُ فَحَنِثَ وَلَوْ جَعَلَ يَزِنُهُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ مُتَفَرِّقًا لِأَنَّهُ هَكَذَا تُسْتَوْفَى الدُّيُونُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَالَهُ عَلَيْهِ فَهَرَبَ أَوْ غَالَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَنَعَهُ إنْسَانٌ مِنْهُ أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ يَمِينَهُ وَقَعَتْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مُفَارَقَتُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَ: لَا يُفَارِقُنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حَقِّي فَوَجَدَ ذَلِكَ مِنْهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ وَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ فَحَنِثَ كَذَا فِي شَرْحِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَبَضَ دَيْنَهُ فِي وَزْنَيْنِ لَمْ يَتَشَاغَلْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِعَمَلِ الْوَزْنِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَفْرِيقٍ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَذَّرُ قَبْضُ الْكُلِّ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَيَصِيرُ هَذَا الْقَدْرُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَلِأَنَّ الدُّيُونَ هَكَذَا تُقْبَضُ قَوْلُهُ (وَمَنْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّ الْبَصْرَةَ فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ) لِأَنَّ الْبِرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوٌّ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ: حَتَّى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ أَبْعَدُ الْأَجَلَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْفَارِّ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ لَمْ يَتَعَذَّرْ بِمَوْتِهَا قَالَ فِي الْكَرْخِيِّ: إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَأْتِ الْبَصْرَةَ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ قَبْلَ الزَّوْجِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَلَمْ يَرِثْ الزَّوْجُ مِنْهَا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ بِالطَّلَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[كِتَابُ الدَّعْوَى]
(كِتَابُ الدَّعْوَى) جَمْعُهَا دَعَاوَى وَالدَّعْوَى فِي اللُّغَةِ قَوْلٌ يَقْصِدُ بِهِ الْإِنْسَانُ إيجَابَ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ قَوْلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute