لَا حُجَّةَ لِمُدَّعِيهِ عَلَى دَعْوَاهُ حَتَّى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حُجَّةٌ يُسَمَّى مُحِقًّا لَا مُدَّعِيًا وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مُسَيْلِمَةَ مُدَّعٍ لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ مَعَهُ وَلَا يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّعٍ لِلنُّبُوَّةِ لِأَنَّ الْقُرْآنَ دَلَّ عَلَى صِدْقِهِ وَكَذَا الْحَاكِمُ إذَا قَامَتْ عِنْدَهُ الْبَيِّنَةُ لَا يُقَالُ لِلطَّالِبِ أَنَّهُ مُدَّعٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَتِهَا وَيُقَالُ: كُلُّ مَنْ شَهِدَ عَلَى مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُدَّعٍ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ أَنَّ مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُنْكِرٌ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ أَنَّ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ شَاهِدٌ وَكُلُّ مَنْ شَهِدَ أَنَّ مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُقِرٌّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْمُدَّعِي مَنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْخُصُومَةِ إذَا تَرَكَهَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا تَرَكَهَا) وَيُقَالُ الْمُدَّعِي هُوَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى بَاطِنًا لِيُزِيلَ بِهِ ظَاهِرًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَنْ ادَّعَى ظَاهِرًا وَقَرَّرَ الشَّيْءَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى الْمُنْكِرُ قَوْلُهُ (وَلَا تُقْبَلُ الدَّعْوَى حَتَّى يُذَاكِرَ شَيْئًا مَعْلُومًا فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ) فَجِنْسُهُ أَنْ يَقُولَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَقَدْرُهُ أَنْ يَقُولَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ كَانَ مَجْهُولًا وَالْمَجْهُولُ لَا تَصِحُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ نَكَلَ الْخَصْمُ فِيهِ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كُلِّفَ إحْضَارُهَا لِيُشِيرَ إلَيْهَا بِالدَّعْوَى) وَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ حَتَّى يَقُولَ الشَّاهِدُ: إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ حَقُّهُ وَكَذَا فِي الِاسْتِحْلَافِ لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُ شَرْطٌ وَذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ فِي الْمَنْقُولِ لِأَنَّ النَّقْلَ مُمْكِنٌ وَالْإِشَارَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَاضِرَةً ذَكَرَ قِيمَتَهَا) لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تُعْرَفُ بِالْوَصْفِ وَقَدْ تَتَعَذَّرُ مُشَاهَدَةُ الْعَيْنِ وَيُشْتَرَطُ مَعَ بَيَانِ الْقِيمَةِ ذِكْرُ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ
قَوْلُهُ (وَإِذَا ادَّعَى عَقَارًا حَدَّدَهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ أَوْ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ فِي يَدِهِ وَبِالْمُطَالَبَةِ يَزُولُ هَذَا الِاحْتِمَالُ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَيَذْكُرُ أَسْمَاءَ أَصْحَابِ الْحُدُودِ وَأَنْسَابَهُمْ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِذِكْرِ الْأَبِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَشْهُورًا يُكْتَفَى بِذِكْرِهِ فَإِنْ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ حُدُودٍ يُكْتَفَى بِهِ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْأَكْثَرِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَكَمَا يُشْتَرَطُ التَّحْدِيدُ فِي الدَّعْوَى يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ
قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ حَقًّا فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) لِأَنَّ صَاحِبَ الذِّمَّةِ قَدْ حَضَرَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْمُطَالَبَةُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهِ بِالْوَصْفِ لِيُعْرَفَ بِهِ قَوْلُهُ (فَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى سَأَلَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهَا قَضَى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute