عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَرَابَةٌ أَغْنِيَاءُ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْمَمَالِيكِ «إنَّهُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَلَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ» وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا مَرْهُونًا أَوْ مُؤْجَرًا وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطَّهَارَةِ لِرَقِيقِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَبِيدٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ فِي الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْكِسْوَةِ وَتَكُونُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ وَإِدَامِهِ وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَتُهُ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى إرْضَاعِ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَلَدَ إلَى غَيْرِهَا وَأَرَادَتْ هِيَ إرْضَاعَهُ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَقَدْ يُرِيدُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا أَوْ خِدْمَتَهَا وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقًا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ وَكَانَ لَهُمَا كَسْبٌ اكْتَسَبَا وَأَنْفَقَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ بَقَاءَ الْمَمْلُوكِ حَيًّا وَبَقَاءَ مِلْكِ الْمَالِكِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَفِ كَسْبَهُمَا بِنَفَقَتِهِمَا فَالْبَاقِي عَلَى الْمَوْلَى وَإِذَا امْتَنَعَ الْمَوْلَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْعَبْدِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى وَيَأْكُلَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا فَإِنْ كَانَ مُكْتَسِبًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَنْفَقَ الثَّانِي وَرَجَعَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا كَسْبٌ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى نَفَقَتِهِمَا أَوْ بَيْعِهِمَا) وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ زَمِنًا وَالْجَارِيَةُ لَا يُؤَجَّرُ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِهِمَا إيفَاءَ حَقِّهِمَا وَحَقِّ الْمَوْلَى بِالْعِوَضِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى تَكْلِيفُ الْعَبْدِ مَا لَا يُطِيقُ مِنْ الْعَمَلِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا اسْتَخْدَمَهُ نَهَارًا أَنْ يَتْرُكَهُ لَيْلًا وَكَذَا بِالْعَكْسِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْقَيْلُولَةِ فِي أَيَّامِ الصَّيْفِ إذَا أَعْيَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ وَعَلَى الْعَبْدِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي الْخِدْمَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَتَرَكَ الْكَسَلِ وَمَنْ مَلَكَ بَهِيمَةً لَزِمَهُ عَلْفُهَا وَسَقْيُهَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا إلَّا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ دِيَانَةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إمَّا بِالْإِنْفَاقِ وَإِمَّا بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْإِنْفَاقِ تَعْذِيبًا لَهَا وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ» وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيُكْرَهُ الِاسْتِقْصَاءُ فِي حَلْبِ الْبَهِيمَةِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِهَا لِقِلَّةِ الْعَلَفِ وَيُكْرَهُ تَرْكُ الْحَلْبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ بِالْبَهِيمَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُصَّ الْحَالِبَ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ لَبَنِهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا مَا دَامَ لَا يَأْكُلُ غَيْرُهُ وَيُكْرَهُ تَكْلِيفُ الدَّابَّةِ مَا لَا تُطِيقُهُ مِنْ تَثْقِيلِ الْحِمْلِ وَإِدَامَةِ السَّيْرِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ نَحْلٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْقِيَ لَهَا فِي كُورَاتِهَا شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُون ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ وَإِنْ قَامَ شَيْءٌ بِغَدَائِهَا مَقَامَ الْعَسَلِ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ إبْقَاءُ الْعَسَلِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا: أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ بِشَرْطِ أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك فَرَضِيَتْ فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ، وَهَذَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِهَذَا الشَّرْطِ أَمَّا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهَا التَّزْوِيجَ لَكِنْ عَلِمَتْ بِهِ عُرْفًا أَنَّهُ أَنْفَقَ لِذَلِكَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْعِتْقِ]
(كِتَابُ الْعِتْقِ) الْعِتْقُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْقُوَّةُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ الضَّعْفِ وَهُوَ الرِّقُّ وَإِثْبَاتُ الْقُوَّةِ الْحُكْمِيَّةِ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْحُرِّيَّةُ قُوَّةً حُكْمِيَّةً لِأَنَّ بِهَا يَظْهَرُ سُلْطَانُ الْمَالِكِيَّةِ وَنَفَاذُ الْوِلَايَةِ، وَالشَّهَادَةِ إذْ الْمَمْلُوكُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥] ، وَفِي الشَّرْعِ: عِبَارَةٌ عَنْ إسْقَاطِ الْمَوْلَى حَقَّهُ عَنْ مَمْلُوكِهِ بِوَجْهٍ يَصِيرُ بِهِ مِنْ الْأَحْرَارِ، وَالْإِعْتَاقُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَعْتَقَ مُؤْمِنًا فِي الدُّنْيَا أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» ؛ وَلِهَذَا اسْتَحْسَنُوا أَنْ يَعْتِقَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ، وَالْمَرْأَةُ الْأَمَةَ لِتَحَقُّقِ مُقَابَلَةِ الْأَعْضَاءِ.
«وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الرِّقَابِ خَيْرٌ قَالَ: أَعْلَاهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute