سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي الْقَاضِي لِعَاقِلَةِ الْأُمِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ قَوْلُهُ: (وَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي مَالِ الْجَانِي) يَعْنِي مَا نَقَصَ أَرْشُهُ عَنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ كَانَ عَلَى الْجَانِي دُونَ الْعَاقِلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَةَ الْعَبْدِ) يَعْنِي إذَا جَنَى الْعَبْدُ عَلَى الْحُرِّ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْحُرِّ.
. قَوْلُهُ: (وَلَا تُعْقَلُ الْجِنَايَةُ الَّتِي اعْتَرَفَ بِهَا الْجَانِي إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ) فَإِنْ قُلْت قَدْ ذُكِرَ هَذَا فِي الدِّيَاتِ فَلِمَ أَعَادَهُ هُنَا قُلْت ذَكَرَ هُنَاكَ كُلَّ أَرْشٍ وَجَبَ بِالْإِقْرَارِ، وَالصُّلْحِ فَهُوَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ وَهُنَا قَالَ وَلَا تَعْقِلُ مَا لَزِمَ بِالصُّلْحِ أَوْ بِاعْتِرَافِ الْجَانِي فَلَا تَكْرَارَ مَعَ أَنَّ فِي هَذَا فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ التَّصْدِيقَ هُنَا بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَاكَ.
. قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأٍ وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَى الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ سِنِينَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى عَلَيْهِ) لِأَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ فِي الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ فَفِي الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ أَوْلَى قَوْلُهُ (وَلَا تَعْقِلُ مُلْزَمًا بِالصُّلْحِ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا جَنَى الْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ فَقَتَلَهُ خَطَأً كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) يَعْنِي عَاقِلَةَ الْجَانِي وَمَا دُونَ النَّفْسِ عَلَى الْعَبْدِ لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْحُدُودِ]
الْحَدُّ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمَنْعُ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْبَوَّابُ حَدَّادًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ النَّاسَ عَنْ الدُّخُولِ وَكَذَا سُمِّيَ حَدُّ الدَّارِ الَّذِي تَنْتَهِي إلَيْهِ حَدًّا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ مَا حُدَّ إلَيْهِ فِي الْبَيْعِ فَلَمَّا أُرِيدَ بِهَذِهِ الْعُقُوبَةِ الْمَنْعُ مِنْ الْفِعْلِ سُمِّيَ ذَلِكَ حَدًّا، وَفِي الشَّرْعِ هُوَ كُلُّ عُقُوبَةٍ مُقَدَّرَةٍ تَسْتَوْفِي حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى الْقِصَاصُ حَدًّا وَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ، وَالِاعْتِيَاضَ عَنْهُ وَكَذَا التَّعْزِيرُ لَا يُسَمَّى حَدًّا لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ فِيهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الزِّنَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْإِقْرَارِ) الْمُرَادُ ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَصِفَةُ الزِّنَا هُوَ الْوَطْءُ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ الْعَارِي عَنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِمَا وَيَتَجَاوَزُ الْخِتَانُ الْخِتَانَ هَذَا هُوَ الزِّنَا الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ وَمَا سِوَاهُ لَيْسَ بِزِنًا وَإِنَّمَا شُرِطَ مُجَاوَزَةُ الْخِتَانِ لِأَنَّ مَا دُونَهُ مُلَامَسَةٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ مِنْ الْغُسْلِ وَفَسَادِ الْحَجِّ وَكَفَّارَةِ رَمَضَانَ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ: الزِّنَا الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ الْوَطْءُ الْحَرَامُ الْخَالِي عَنْ حَقِيقَةِ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ وَعَنْ شُبْهَةِ الْمِلْكِ وَشُبْهَةِ النِّكَاحِ وَشُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الْمِلْكِ كَوَطْءِ جَارِيَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ وَجَارِيَتِهِ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَوَطْءِ الْمَمْلُوكِ بَعْضَهَا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَلَيْسَ بِزِنًا وَكَذَا وَطْءُ امْرَأَتِهِ الْحَائِضٍ، وَالنُّفَسَاءِ، وَالْمُتَزَوِّجَةِ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا أَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ وَطْءِ جَارِيَةِ ابْنِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ، وَالْجَارِيَةُ مِنْ الْمَغْنَمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ مَا أُحْرِزَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ أَوْ تَزَوَّجَ بِمَجُوسِيَّةٍ أَوْ خَمْسًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ أَوْ تَزَوَّجَ بِمَحَارِمِهِ فَوَطِئَهَا، وَقَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُحَدُّ فِي كُلِّ وَطْءٍ حَرَامٍ عَلَى التَّأْبِيدِ كَوَطْءِ مَحَارِمِهِ، وَالتَّزْوِيجُ لَا يُوجِبُ شُبْهَةً فِيهِ وَمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ عَلَى التَّأْبِيدِ فَعَقْدُ النِّكَاحِ يُوجِبُ شُبْهَةً فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ وَشَبَهُ ذَلِكَ وَشُبْهَةُ الِاشْتِبَاهِ أَنْ يَقُولَ: ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ. قَوْلُهُ (فَالْبَيِّنَةُ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الشُّهُودِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ بِالزِّنَا) فَإِنْ قِيلَ الْقَتْلُ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَا وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ أَرْبَعَةٌ قُلْنَا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتِمُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute