[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]
(كِتَابُ الْفَرَائِضِ) الْفَرْضُ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّقْدِيرُ يُقَالُ فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ أَيْ قَدَّرَهَا وَالْفَرَائِضُ مِنْ الْعُلُومِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهَا لِافْتِقَارِ النَّاسِ إلَيْهَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْفَرَائِضُ نِصْفُ الْعِلْمِ وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ الْأُمَّةِ» وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكِلْ قَسْمَ مَوَارِيثِكُمْ إلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلَا إلَى نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَلَكِنْ تَوَلَّى رَبُّنَا بَيَانَهَا فَقَسَمَهَا أَبَيْنَ قَسْمٍ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعُلُومِ وَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَسَيُنْزَعُ الْعِلْمُ مِنْ أُمَّتِي حَتَّى يَخْتَلِفَ الرَّجُلَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَعْرِفُ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا» فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ قِيلَ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ حَالَتَيْنِ حَالَةَ حَيَاةٍ وَحَالَةَ مَوْتٍ وَالْفَرَائِضُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَوْتِ فَيَكُونُ لَفْظُ النِّصْفِ هَاهُنَا عِبَارَةً عَنْ قِسْمٍ مِنْ قِسْمَيْنِ وَمُنَاسَبَتُهَا بِالْوَصَايَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُصْرَفُ فِي حَالِ مَرَضِ الْمَوْتِ وَالْفَرَائِضُ حُكْمٌ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ عَشْرَةٌ) إنَّمَا أَرَادَ بِهَذَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَتَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ وَالزَّوْجُ) الْمُرَادُ بِالْجَدِّ أَبُو الْأَبِ أَمَّا أَبُو الْأُمِّ فَهُوَ رَحِمٌ وَلَيْسَ بِعَصَبَةٍ فَلَا يَرِثُ إلَّا مِيرَاثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الْعَصَبَاتِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْإِنَاثِ سَبْعٌ الِابْنَةُ وَابْنَةُ الِابْنِ وَإِنْ سَفْلَتَ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالْأُخْتُ وَالزَّوْجَةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ) فَالْجَدَّةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ لَا ذِكْرَ لِمِيرَاثِهِمَا فِي الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِالْحَدِيثِ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ «جَدَّةً جَاءَتْ إلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا فَقَالَ لَهَا لَمْ أَجِدْ لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْئًا فَقَامَ إلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ شَهِدْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَاءَتْهُ جَدَّةٌ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا فَفَرَضَ لَهَا السُّدُسَ فَأَوْجَبَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ» وَأَمَّا مَوْلَاةُ النِّعْمَةِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ مِيرَاثَ عَتِيقِهَا وَلَقِيطِهَا وَوَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ بِهِ» وَالْمُرَادُ بِلَقِيطِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَدُهَا مِنْ الزِّنَا وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ»
[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]
(قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُ أَرْبَعَةٌ الْمَمْلُوكُ وَالْقَاتِلُ مِنْ الْمَقْتُولِ وَالْمُرْتَدُّ وَأَهْلُ الْمِلَّتَيْنِ) أَمَّا الْمَمْلُوكُ فَلِأَنَّ الْمِيرَاثَ نَوْعُ تَمْلِيكٍ وَالْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا قَرَابَةَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَالْمَيِّتِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ فِي رَقَبَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الرِّقِّ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ إلَّا الْمُكَاتَبُ إذَا مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي مِنْهُ كِتَابَتَهُ وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِلَا فَصْلٍ وَمَا فَضَلَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ، وَأَمَّا الْمُسْتَسْعَى فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute