ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ اللِّعَانُ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا الْتَعْنَا فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا) وَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ حَتَّى يَقْضِيَ بِالْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَيُفَارِقَهَا بِالطَّلَاقِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَبْلَ أَنْ يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَالزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةٌ يَقَعُ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَظِهَارُهُ وَإِيلَاؤُهُ وَيَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ زُفَرُ إذَا فَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقِ الْقَاضِي، وَلَوْ أَنَّهُمَا امْتَنَعَا مِنْ اللِّعَانِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ أَوْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا أَجْبَرَهُمَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَنَّهَا جُنَّتْ بَعْدَمَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَلْتَعِنَ هِيَ سَقَطَ اللِّعَانُ وَلَا حَدَّ، وَلَوْ أَنَّهُمَا لَمَّا فَرَغَا مِنْ اللِّعَانِ سَأَلَا الْقَاضِيَ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يُجِبْهُمَا إلَى ذَلِكَ وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ بَدَأَ بِلِعَانِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَلْتَعِنَ ثَانِيًا فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ، وَلَوْ أَنَّهُمَا الْتَعَنَا فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ أَوْ عُزِلَ وَنُصِبَ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ الثَّانِيَ يَسْتَقْبِلُ اللِّعَانَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْتَقْبِلُ، وَلَوْ قَذَفَهَا الزَّوْجُ فَلَمْ يَلْتَعِنَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ تَعَذَّرَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مَوْضُوعٌ لِقَطْعِ الْفِرَاشِ وَقَدْ انْقَطَعَ بِالطَّلَاقِ فَلَا مَعْنَى لِلِّعَانِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا تَلَاعَنَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَاقِيَةٌ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ فَأَخَذَتْهُ بِذَلِكَ الْقَذْفِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النِّكَاحَيْنِ يَنْفَرِدُ بِحُقُوقِهِ عَنْ الْآخَرِ وَاللِّعَانُ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَلَاعَنَا فِي نِكَاحٍ بِقَذْفٍ فِي نِكَاحٍ آخَرَ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إذَا قَذَفَهَا ثُمَّ أَبَانَهَا فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ أَمَّا سُقُوطُ الْحَدِّ فَلِأَنَّ الْقَذْفَ أَوْجَبَ اللِّعَانَ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ زَالَتْ وَإِنْ قَذَفَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا تَلَاعَنَا لِقِيَامِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ قَذَفَهَا بِالزِّنَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ سَقَطَ بِزَوَالِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ اللِّعَانِ الزَّوْجِيَّةُ وَقَدْ زَالَتْ بِالطَّلَاقِ وَإِذَا سَقَطَ اللِّعَانُ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْحَدِّ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَهَا بَعْدَ الْإِبَانَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْفُرْقَةُ تَطْلِيقَةً بَائِنَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) ؛ لِأَنَّهَا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْعِنِّينِ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي عِدَّتِهَا وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَى سَنَتَيْنِ إنْ كَانَ مُعْتَدَّةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَإِلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَهُمَا يَقُولَانِ مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا دَامَا مُتَلَاعِنَيْنِ فَأَمَّا إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يَبْقَ التَّلَاعُنُ بَعْدَ الْإِكْذَابِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ الْقَذْفُ بِوَلَدٍ نَفَى الْقَاضِي نَسَبَهُ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) وَيُشْتَرَطُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ مِنْ حِينِ الْعَلُوقِ إلَى حِينِ الْوَضْعِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً حِينَ الْعُلُوقِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَأَعْتَقَتْ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا عَلِقَتْ وَلَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا ثُبُوتًا لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَغَيُّرِ حَالِهَا؛ لِأَنَّ وَلَدَ الزَّوْجَةِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ، وَلَوْ نَفَى وَلَدَ الْحُرَّةِ فَصَدَّقَتْهُ فَلَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ ابْنُهُمَا لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى نَفْيِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقٌّ لِلْوَلَدِ وَالْأُمُّ لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حُقُوقِ وَلَدِهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلَاعِنَهَا مَعَ تَصْدِيقِهَا لَهُ فِي الْقَذْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَشْهَدَ بِاَللَّهِ إنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ وَقَدْ قَالَتْ إنَّهُ صَادِقٌ وَصُورَةُ اللِّعَانِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ أَنْ يَأْمُرَ الْحَاكِمُ الزَّوْجَ فَيَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُك بِهِ مِنْ نَفْيِ الْوَلَدِ فَكَذَا فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ ذَكَرَ فِي اللِّعَانِ الْأَمْرَيْنِ ثُمَّ يَنْفِي الْقَاضِي نَسَبَ الْوَلَدِ وَيُلْحِقُهُ بِأُمِّهِ فَيَقُولُ قَدْ أَلْزَمْت الْوَلَدَ أُمَّهُ وَأَخْرَجْته مِنْ نَسَبِ الْأَبِ ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ مَا قَطَعَ نَسَبَهُ مِنْ الْأَبِ جَمِيعُ أَحْكَامِ نَسَبِهِ بَاقِيَةٌ مِنْ الْأَبِ سِوَى الْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ حَتَّى إنَّ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَا تُقْبَلُ وَدَفْعُ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ ابْنَةً فَتَزْوِيجُهُ لَهَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْوَلَدِ لِبِنْتِ الزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ غَيْرِ الْمُلَاعِنِ أَنْ يَدَّعِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute