للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قَوْلُهُ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِحَالِهِمَا جَمِيعًا مُوسِرًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ مُعْسِرًا) هَذَا اخْتِيَارُ الْخَصَّافِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَتَفْسِيرُهُ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ تَجِبُ نَفَقَةُ الْيَسَارِ وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَنَفَقَةُ الْإِعْسَارِ وَإِنْ كَانَتْ كَرُهَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَدُونَ نَفَقَةِ الْمُوسِرَاتِ وَفَوْقَ نَفَقَةِ أَسْلَفَهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، وَهِيَ مُوسِرَةٌ فَنَفَقَةُ الْإِعْسَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] (قَوْلُهُ وَكِسْوَتُهَا) ، وَهِيَ دِرْعَانِ وَخِمَارَانِ وَمِلْحَفَةٌ.

وَفِي الْيَنَابِيعِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا يُفْرَضُ عَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ دِرْعٌ هَرَوِيٌّ وَمِلْحَفَةٌ وَخِمَارٌ وَكِسَاءٌ وَفِي الصَّيْفِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا يُفْرَضُ عَلَيْهِ فِي الشِّتَاءِ دِرْعٌ هَرَوِيٌّ وَمِلْحَفَةٌ دِينَوَرِيَّةٌ وَخِمَارٌ إبْرَيْسَمٌ وَكِسَاءٌ وَلِخَادِمِهَا قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَكِسَاءٌ وَيُفْرَضُ لَهَا فِي الصَّيْفِ دِرْعٌ سَابُورِيٌّ وَخِمَارٌ إبْرَيْسَمٌ وَمِلْحَفَةٌ، وَلَوْ فُرِضَ لَهَا الْكِسْوَةُ فِي مُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ فَإِنْ تَخَرَّقَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ لَبِسَتْهَا مُعْتَادًا لَمْ تَتَخَرَّقْ لَمْ تَجِبْ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَإِنْ بَقِيَ الثَّوْبُ بَعْدَ الْمُدَّةِ إنْ كَانَ بَقَاؤُهُ لِعَدَمِ اللُّبْسِ أَوْ لِلُبْسِ ثَوْبٍ غَيْرِهِ أَوْ لِلُبْسِهِ يَوْمًا دُونَ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لَهَا كِسْوَةٌ أُخْرَى وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا إذَا أَمْسَكَتْ نَفَقَتَهَا وَلَمْ تُنْفِقْهَا فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لَهَا نَفَقَةٌ أُخْرَى فَإِنْ لَبِسَتْ كِسْوَتَهَا لُبْسًا مُعْتَادًا فَتَخَرَّقَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ جَدَّدَ لَهَا أُخْرَى وَإِذَا لَمْ تَتَخَرَّقْ فِي الْمُدَّةِ لَا يَجِبُ غَيْرُهَا قَالَ الْخُجَنْدِيُّ.

وَلَوْ سُرِقَ الثَّوْبُ لَا يَجِبُ غَيْرُهُ وَإِنْ قَتَرَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي النَّفَقَةِ وَفَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي الْمُدَّةِ وَجَبَ غَيْرُهَا.

وَفِي الْيَنَابِيعِ إذَا ضَاعَتْ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ عِنْدَهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا تَفْتَرِشُهُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَجَبَ عَلَيْهِ طَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَنِطْعٌ فِي الصَّيْفِ وَعَلَى الْفَقِيرِ حَصِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَلِبْدٌ فِي الشِّتَاءِ وَلَا تَكُونُ الطَّنْفَسَةُ وَالنِّطْعُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَفْتَرِشَ الْحَصِيرَ وَيَجِبُ لَهَا مَا تَتَنَظَّفُ بِهِ وَيُزِيلُ الْوَسَخَ كَالْمُشْطِ وَالدُّهْنِ وَالسِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَالْأُشْنَانِ وَالصَّابُونِ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ وَأَمَّا الْخِضَابُ وَالْكُحْلُ فَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ هُوَ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَأَمَّا الطِّيبُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا يَقْطَعُ بِهِ السَّهُوكَةَ لَا غَيْرُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَقْطَعُ بِهِ الصُّنَانَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ لِلْمَرَضِ وَلَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَلَا الْفَصَّادِ وَلَا الْحَجَّامِ وَعَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا تَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهَا وَبَدَنَهَا مِنْ الْوَسَخِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شِرَاءُ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ كَانَتْ كَرُهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَلَهُ إلَيْهَا وَإِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَذْهَبَ لِتَنْقُلَهُ لِنَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً اسْتَأْجَرَتْ مَنْ يَنْقُلُهُ إلَيْهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَاءُ الْوُضُوءِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَدَاسٌ لِلرِّجْلِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ) يَعْنِي الْمَهْرَ الْمُعَجَّلَ أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَكَذَا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مُؤَجَّلًا وَبَعْضُهُ حَالًا وَاسْتَوْفَتْ الْحَالَّ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ عِنْدَهُمَا وَكَذَا لَوْ أَجَّلَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَجَلًا مَعْلُومًا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا إلَى اسْتِيفَاءِ الْمُؤَجَّلِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْفُصُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الدُّخُولُ بِرِضَاهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْحَبْسِ بِالْإِنْفَاقِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهَا النَّفَقَةُ وَعِنْدَهُمَا لَا نَفَقَةَ لَهَا قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ لِأَبِي حَنِيفَةَ

وَالِامْتِنَاعُ لِابْتِغَاءِ الصَّدَقَهْ ... بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يُزِيلُ النَّفَقَهْ.

وَفِي مَقَالَاتِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَإِنْ يَكُنْ صَدَاقُهَا مُؤَجَّلَا ... فَقَبْلَ نَقْدِ مَهْرِهَا الدُّخُولُ لَا

وَصُورَتُهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةً إلَى سَنَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا وَلَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ حَتَّى يُعْطِيَهَا جَمِيعَهُ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ نَشَزَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ) النُّشُوزُ خُرُوجُهَا مِنْ بَيْتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ سَاكِنًا فِي بَيْتِهَا فَمَنَعَتْهُ مِنْ الدُّخُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>