لِذَوِي فَهُوَ عَلَى الْوَاحِدِ لِأَنَّ هَذَا اسْمٌ لِلْوَاحِدِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اشْتَرَطَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَرَابَةَ وَعَدَمَ الْوِرَاثَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ أَوْلَادٌ وَالْجَمْعِيَّةُ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَالْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَوَافَقَهُ صَاحِبَاهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى وَخَالَفَاهُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ فَلَمْ يَشْتَرِطَاهَا وَهِيَ الْجَمْعِيَّةُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ وَالْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.
قَوْلُهُ (فَإِذَا أَوْصَى بِذَلِكَ وَلَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ فَالْوَصِيَّةُ لِعَمَّيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لَمَا بَيَّنَّا أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ اعْتِبَارَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَالْعَمَّانِ أَقْرَبُ مِنْ الْخَالَيْنِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالَانِ فَلِلْعَمِّ النِّصْفُ وَلِلْخَالَيْنِ النِّصْفُ) لِأَنَّ الْبَعِيدَ عِنْدَهُ لَا يُسَاوِي الْقَرِيبَ فَكَأَنَّ الْعَمَّ انْفَرَدَ فَيَسْتَحِقُّ نِصْفَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ جَعَلَ الْوَصِيَّةَ لِجَمْعٍ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَمُّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا وَبَقِيَ النِّصْفُ الثَّانِي لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ أَقْرَبَ مِنْ الْخَالَيْنِ فَكَانَ لَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا عَمٌّ وَاحِدٌ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ غَيْرُهُ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لِمَا بَيَّنَّا وَمَا بَقِيَ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ فَتَبْطُلُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَيُرَدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِذِي قَرَابَتِهِ حَيْثُ يَكُونُ لِلْعَمِّ كُلُّ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لِلْفَرْدِ فَيُحْرِزُهَا كُلَّهَا إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ وَلَوْ تَرَكَ عَمًّا وَعَمَّةً وَخَالًا وَخَالَةً فَالْوَصِيَّةُ لِلْعَمِّ وَالْعَمَّةِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِاسْتِوَاءِ قَرَابَتِهِمَا وَهِيَ أَقْوَى مِنْ قَرَابَةِ الْأَخْوَالِ وَالْعَمَّةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَارِثَةً فَهِيَ مُسْتَحِقَّةٌ لِلْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَرِيبُ رَقِيقًا أَوْ ذِمِّيًّا.
قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مِنْ يُنْسَبُ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ) وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَالْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَيَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ قَرِيبٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ لِجَمِيعِ قَرَابَتِهِ جِهَةَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ فِي الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا يَشْتَرِكُونَ فِي الثُّلُثِ وَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ وَالْأَبْعَدُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ بَيَانُهُ إذَا أَوْصَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ لِأَقَارِبِهِ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ مِنْ يُنْسَبُ إلَى الْعَبَّاسِ وَكَذَلِكَ الْعَلَوِيُّ إذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّ مَنْ يُنْسَبُ إلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ثُمَّ عَلَى أَصْلِهِمَا إذَا أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ وَلَهُ عَمَّانِ وَخَالَانِ اشْتَرَكَ فِيهِ الْعَمَّانِ وَالْخَالَانِ فَتَكُونُ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْتَبِرَانِ الْأَقْرَبَ وَإِنْ تَرَكَ عَمًّا وَخَالَيْنِ فَلِلْعَمِّ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ وَلِلْخَالَيْنِ نِصْفُ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا هِيَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَاحِدٌ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْوَصِيَّةِ عَلَى أَصْلِهِمَا لِأَنَّ الْوَاحِدَ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ وَلَوْ أَوْصَى لِأَهْلِ فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى زَوْجَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ اسْمَ الْأَهْلِ حَقِيقَةً فِي الزَّوْجَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} [القصص: ٢٩] وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَأَهَّلَ فُلَانٌ بِبَلَدِ كَذَا أَيْ تَزَوَّجَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ اسْمُ الْأَهْلِ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ يَعُولُهُ وَتَضُمُّهُمْ نَفَقَتُهُ اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ وَهُوَ مُؤَيَّدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} [يوسف: ٩٣] قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ الْقِيَاسُ فِي هَذَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلزَّوْجَةِ خَاصَّةً لَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا أَنْ يَكُونَ لِجَمِيعِ مَنْ يَعُولُهُ مِمَّنْ يَجْمَعُهُمْ مَنْزِلُهُ مِنْ الْأَحْرَارِ وَالزَّوْجَةِ وَالْيَتِيمِ فِي حِجْرِهِ وَالْوَلَدِ إذَا كَانَ يَعُولُهُ فَأَمَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا قَدْ اعْتَزَلَ أَوْ كَانَتْ بِنْتًا قَدْ تَزَوَّجَتْ فَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَمَالِيكُ وَلَا وُرَّاثٌ لِلْمُوصِي وَلَا يَدْخُلُ الْمُوصَى لِأَهْلِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى لِمَنْ أُضِيفَ إلَيْهِ وَالْمُضَافُ غَيْرُ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَنْ أَوْصَى لِوَلَدِ فُلَانٍ لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ فِي الْوَصِيَّةِ
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ دَرَاهِمِهِ أَوْ بِثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ ثُلُثَا ذَلِكَ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ جَمِيعُ مَا بَقِيَ) وَقَالَ زُفَرُ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ غَنَمِهِ فَهَلَكَ الْغَنَمُ كُلُّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ فِي الْأَصْلِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُهُ حِينَئِذٍ وَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ فَتَبْطُلُ بِفَوَاتِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ قَالَ لَهُ شَاةٌ مِنْ مَالِي وَلَيْسَ لَهُ غَنَمٌ يُعْطَى قِيمَةَ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَهَا إلَى الْمَالِ عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِيَّةِ الشَّاةِ وَإِنْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَمْ يُضِفْهَا إلَى مَالِهِ وَلَا غَنَمَ لَهُ قِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُصَحَّحَ إضَافَتُهُ إلَى الْمَالِ وَبِدُونِهَا يُعْتَبَرُ صُورَةُ الشَّاةِ وَقِيلَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشَّاةَ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَاةٌ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَالِيَّةُ وَلَوْ قَالَ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِسَيْفِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ أُعْطِيهِ السَّيْفَ بِجَفْنِهِ وَحِلْيَتِهِ وَكَذَا قَالَ زُفَرُ يَعْنِي أَنَّ لَهُ جَفْنَهُ وَحَمَائِلَهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِسَرْجٍ فَلَهُ السَّرْجُ وَتَوَابِعُهُ مِنْ اللِّبْدِ وَالرِّفَادَةِ وَكَذَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِمُصْحَفٍ فَلَهُ الْغِلَافُ عِنْدَ زُفَرَ وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute