للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّدَقَةِ إلَى زَوْجِهَا فَقَالَ لَك أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ صَنَاعَ الْيَدَيْنِ تَعْمَلُ لِلنَّاسِ فَتَأْخُذُ مِنْهُمْ لَا أَنَّهَا كَانَتْ مُوسِرَةً.

(قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُ إلَى مُكَاتَبِهِ وَلَا إلَى مَمْلُوكِهِ) وَكَذَا لَا يَدْفَعُ إلَى مُدَبَّرِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ إذْ كَسْبُ الْمَمْلُوكِ لِسَيِّدِهِ وَلَهُ حَقٌّ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَرُبَّمَا يَعْجَزُ فَيَكُونُ الْكَسْبُ لِلْمَوْلَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَهُ حَقٌّ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةَ مُكَاتَبِهِ لَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ جَارِيَةَ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا إلَى مَمْلُوكٍ غَنِيٍّ) لِأَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِمَوْلَاهُ وَمُدَبَّرِ الْغَنِيِّ وَأُمِّ وَلَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْقِنُّ وَمَا دُونَ الْغَنِيِّ إنْ كَانَ مَدْيُونًا وَدَيْنُهُ مُسْتَغْرِقٌ لِرَقَبَتِهِ وَكَسْبِهِ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ إجْمَاعًا وَمُكَاتَبُ الْغَنِيِّ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: ٦٠] .

(قَوْلُهُ وَلَا إلَى وَلَدِ غَنِيٍّ إذَا كَانَ صَغِيرًا) لِأَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِمَالِ أَبِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ غَنِيًّا بِيَسَارِ أَبِيهِ وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ زَمِنًا وَقِيلَ إنْ كَانَ زَمِنًا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَبَعْدَ الْفَرْضِ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ غَنِيًّا بِمِقْدَارِ النَّفَقَةِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجُوزُ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهَكَذَا حُكْمُ الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا دَفَعَ إلَى ابْنَةِ الْغَنِيِّ الْكَبِيرَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَجُوزُ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ غَنِيَّةً بِغِنَى أَبِيهَا وَزَوْجِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَأَمَّا أَبُو الْغَنِيِّ فَيَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَأَمَّا زَوْجَةُ الْغَنِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا مَهْرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ تُعْطَى وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى لَا تُعْطَى عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَتُعْطَى عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَفِي الْكَرْخِيِّ تُعْطَى عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُعْطَى وَالْأَصَحُّ قَوْلُهُمَا وَإِنْ كَانَ لَهَا مَهْرٌ يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ إنْ كَانَ مُعْسِرًا يَجُوزُ لَهَا الْأَخْذُ وَلِلدَّافِعِ الْإِعْطَاءُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ بِنِصَابٍ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا نِصَابٌ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَصَارِفِ حُكْمُهُمْ سَوَاءٌ فِي الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالنُّذُورِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالْعُشُورِ إلَّا فِي الْكُنُوزِ وَالْمَعَادِنِ خَاصَّةً فَإِنَّ خُمُسَ ذَلِكَ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى الْوَالِدَيْنِ وَالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ لَا تَكْفِيه فَإِذَا جَازَ لِنَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى قَالَ فِي الْفَتَاوَى رَجُلٌ لَهُ أَخٌ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهِ فَكَسَاهُ وَأَطْعَمَهُ يَنْوِي بِهِ الزَّكَاةَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ فِيهِمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ فِي الْكِسْوَةِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنْ عَالَ يَتِيمًا بِكِسْوَةٍ وَبِنَفَقَةٍ مِنْ الزَّكَاةِ جَازَ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ فِي الْإِطْعَامِ إبَاحَةٌ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَى يَدِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ فِيهِمَا رَجُلٌ أَعْطَى فَقِيرًا مِنْ زَكَاتِهِ أَوْ مِنْ عُشْرِ أَرْضِهِ أَوْ مِنْ فِطْرَتِهِ ثُمَّ إنَّ الْفَقِيرَ أَطْعَمَهُ الْمُعْطِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِغَنِيٍّ آخَرَ أَوْ هَاشِمِيٍّ أَوْ لِأَبِي الْمُعْطِي أَوْ لِابْنِهِ إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْإِبَاحَةِ وَيَجُوزُ عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ فَإِنْ تَبَدَّلَتْ الْعَيْنُ الْمُعْطَاةُ بِأَنْ بَاعَهَا الْفَقِيرُ بِعَيْنٍ أُخْرَى بِأَنْ كَانَ تَمْرًا فَبَاعَهُ بِزَبِيبٍ أَوْ بِحِنْطَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَازَ فِيهَا الْإِبَاحَةُ وَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ كَتَبَدُّلِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُدْفَعُ إلَى بَنِي هَاشِمٍ) يَعْنِي الْأَجْنَبِيَّ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمْ بِالْإِجْمَاعِ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ عِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الزَّكَاةِ كَالْمَاءِ يَتَدَنَّسُ بِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعُ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّدِ بِالْمَاءِ وَكَذَا يَجُوزُ صَرْفُ صَدَقَةِ الْأَوْقَافِ إلَيْهِمْ إذَا سَمَّاهُمْ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِغُسَالَةٍ إذْ لَمْ يَسْقُطْ بِهَا فَرْضٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُسَمِّهِمْ الْوَاقِفُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إذَا سَمَّاهُمْ كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمَ التَّطَوُّعِ بِدَلَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَشْتَرِطَهُ لِلْأَغْنِيَاءِ فَكَذَا لِبَنِي هَاشِمٍ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ أَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْوَاقِفُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ تَكُونُ صَدَقَةً وَاجِبَةً وَيَجُوزُ صَرْفُ خُمُسِ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ إلَى فُقَرَاءِ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ النُّذُورُ وَالْكَفَّارَاتُ وَلَا صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَلَا جَزَاءُ الصَّيْدِ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ كَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ لِبَنِي هَاشِمٍ أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى الصَّدَقَةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةً مِنْ وَجْهٍ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَاسْتَوَى الْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ فَغَلَبَ الْحَظْرُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رِزْقُهُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِهَا فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>