للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُتُبُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَيُعْفَى لَهُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ عَنْ نُسْخَةٍ مِنْ كُلِّ مُصَنَّفٍ لَا غَيْرُ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ نُسْخَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ وَاحِدَةٌ يَسْكُنُهَا وَيَفْضُلُ عَنْ سُكْنَاهُ مِنْهَا مَا يُسَاوِي نِصَابًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِطْرَةُ وَكَذَا فِي الثِّيَابِ وَالْأَثَاثِ.

(قَوْلُهُ يُخْرِجُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَعَنْ مَمَالِيكِهِ) لِأَنَّ السَّبَبَ رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ وَيَعْنِي مَمَالِيكَهُ لِلْخِدْمَةِ وَيُؤَدِّي عَنْ مُدَبَّرِهِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَعَنْ عَبْدِهِ الْمُودَعِ وَالْمَرْهُونِ إذَا كَانَ لَهُ مَا يُوَفِّي الدَّيْنَ وَزِيَادَةُ نِصَابٍ وَيُخْرِجُ عَنْ عَبْدِهِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمُعَارِ وَالْمَأْذُونِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ يَلِي عَلَيْهِ وَيَمُونُهُ وَلَا تَجِبُ عَنْ مَمَالِيكِ هَذَا الْمَأْذُونِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُمْ عَبِيدُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي فِي رَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ عَنْهُ.

وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَجْعُولُ مَهْرًا إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ فِطْرَتُهُ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ لَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا جَازَ تَصَرُّفُهَا فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ وَلَا عَنْ الْمَأْسُورِ وَلَا عَنْ الْمُسْتَسْعَى لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَبْدُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِمَجِيءِ يَوْمِ الْفِطْرِ إذَا عَتَقَ تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى وَإِنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالرَّقَبَةِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ) لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلِيَهَا فِي غَيْرِ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَلَا يَمُونُهَا فِي غَيْرِ الرَّوَاتِبِ كَالْمُدَاوَاةِ وَشَبَهِهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا عَنْ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَإِنْ كَانُوا فِي عِيَالِهِ) بِأَنْ كَانُوا زُمَنَاءَ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فَإِنْ أَدَّى عَنْهُمْ أَوْ عَنْ زَوْجَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِمْ أَجْزَأَهُمْ اسْتِحْسَانًا لِثُبُوتِ الْإِذْنِ عَادَةً ثُمَّ إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مَالٌ فَإِنَّ الْأَبَ يُخْرِجُ صَدَقَةَ فِطْرَتِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ لَا يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِمَا وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَمِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ فَلَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَإِذَا أَثْبَتَ أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ مَالِهِمَا صَارَا كَالْفَقِيرَيْنِ فَيُخْرِجُ الْأَبُ عَنْهُمَا مِنْ مَالِهِ وَلَهُمَا أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجْرِي مَجْرَى الْمُؤْنَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَبَ يَتَحَمَّلُهَا عَنْ ابْنِهِ الْفَقِيرِ فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا كَانَتْ فِي مَالِهِ كَنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ خِتَانِهِ فَيُخْرِجُ أَبُوهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُمَا أَوْ وَصِيُّهُ فِطْرَةَ أَنْفُسِهِمَا وَرَقِيقِهِمَا مِنْ مَالِهِمَا.

وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ إذَا أَخْرَجَهُمَا الْأَبُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْ مَمَالِيكِهِمَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَالنَّفَقَةِ وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ إذَا كَانَ فَقِيرًا إنْ بَلَغَ مَجْنُونًا فَفِطْرَتُهُ عَلَى أَبِيهِ وَإِنْ بَلَغَ مُفِيقًا ثُمَّ جُنَّ فَلَا فِطْرَةَ عَلَى أَبِيهِ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ مَجْنُونًا فَقَدْ اسْتَمَرَّتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ وَإِذَا أَفَاقَ فَقَدْ انْقَلَبَتْ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ فِطْرَةُ بَنِي ابْنِهِ إذَا كَانَ أَبُوهُمْ فَقِيرًا أَوْ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ وَفِي قَاضِي خان لَا يُؤَدِّي عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ الْمُعْسِرِ إذَا كَانَ حَيًّا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَكَذَا إذَا كَانَ مَيِّتًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ الْجَنِينِ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ حَيَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّجُلُ الْفِطْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِنْ كَانَا فِي عِيَالِهِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ وَقِيلَ إذَا كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا مَجْنُونًا تَجِبُ عَلَى ابْنِهِ فِطْرَتُهُ لِوُجُودِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُخْرِجُ عَنْ مُكَاتَبِهِ) لِقُصُورِ الْمِلْكِ فِيهِ وَلِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ مِلْكَهُ كَامِلٌ فِيهِمَا بِدَلِيلِ حِلِّ الْوَطْءِ فِي الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَلَا كَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يُخْرِجُ الْمُكَاتَبُ أَيْضًا عَنْ نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ لِفَقْرِهِ وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ عَنْ نَكْسِهِ وَرَقِيقِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا عَنْ مَمَالِيكِهِ لِلتِّجَارَةِ) لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الثِّنَى لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ وَاجِبَةٌ فِيهِمْ فَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْفِطْرَةِ فِيهِمْ كَانَ فِيهِ تَثْنِيَةُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَوْلَى فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ بِسَبَبِ مَالٍ وَاحِدٍ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ثُنْيَا فِي الصَّدَقَةِ» أَيْ لَا تُؤْخَذُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ

(قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لَا فِطْرَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَالْمُؤْنَةِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَهُ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَمْلِكُ رَقَبَةً كَامِلَةً وَلَوْ كَانَ جَمَاعَةٌ عَبِيدٌ أَوْ إمَاءٌ بَيْنَهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرُّءُوسِ دُونَ الْأَشْقَاصِ كَمَا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>