مِلْءِ الْفَمِ أَفْطَرَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُفْطِرُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ حُكْمًا.
(قَوْلُهُ وَمَنْ ابْتَلَعَ الْحَصَا أَوْ الْحَدِيدَ أَفْطَرَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الِابْتِلَاعِ لِأَنَّ الْمَضْغَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَإِنَّمَا أَفْطَرَ لِوُجُودِ صُورَةِ الْفِطْرِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمَعْنَى وَهُوَ قَضَاءُ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ مُفْطِرٌ غَيْرُ مَعْذُورٍ فَكَانَتْ جِنَايَتُهُ هَا هُنَا أَظْهَرَ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي هَذَا الْفِعْلِ سِوَى الْجِنَايَةِ عَلَى الصَّوْمِ بِخِلَافِ مَا يَتَغَذَّى بِهِ قُلْنَا عَدَمُ دُعَاءِ الطَّبْعِ إلَيْهِ يُغْنِي عَنْ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ فِيهِ زَاجِرًا كَمَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ فِي شُرْبِ الدَّمِ وَالْبَوْلِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَلَوْ ابْتَلَعَ نَوَاةً يَابِسَةً أَوْ قِشْرَ الْجَوْزِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ ابْتَلَعَ جَوْزَةً يَابِسَةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَمْضُغَهَا حَتَّى يَصِلَ إلَى لُبِّهَا فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ أَكَلَ قِشْرَ الْبِطِّيخِ الْيَابِسِ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَطْبًا طَرِيًّا فَقَدْ قِيلَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ أَكَلَ وَرَقَ الشَّجَرِ إنْ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ ابْتَلَعَ حَبَّةَ عِنَبٍ مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ثُفْرُوقُهَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَجِبُ لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ مَعَهَا هَكَذَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَجِبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ وَصَلَ تُفْرُوقُهَا إلَى الْجَوْفِ أَوَّلًا فَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ وَصَلَ اللُّبُّ أَوَّلًا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ ابْتَلَعَ حَبَّةَ حِنْطَةٍ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ مَضَغَهَا فَلَا كَفَّارَةَ كَذَا فِي الْفَتَاوَى.
(قَوْلُهُ وَمَنْ جَامَعَ عَامِدًا فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ أَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مُتَكَامِلَةٌ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْزَالُ اعْتِبَارًا بِالِاغْتِسَالِ لِأَنَّ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ يَتَحَقَّقُ دُونَهُ وَإِنَّمَا هُوَ شِبَعٌ وَالشِّبَعُ لَا يُشْتَرَطُ كَمَنْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ تَمْرَةً تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشِّبَعُ كَذَلِكَ هَذَا وَإِنْ جَامَعَ مَيِّتَةً أَوْ بَهِيمَةً فَلَا كَفَّارَةَ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ وَإِنْ أَكْرَهَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى الْجِمَاعِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهَا عَنْ ذَلِكَ فَجَامَعَهَا مُكْرَهًا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ أَنَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ الْجِمَاعَ مِنْهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بَعْدَ الِانْتِشَارِ وَاللَّذَّةِ وَذَلِكَ دَلِيلُ الِاخْتِيَارِ وَعِنْدَهُ يَزُولُ الْإِكْرَاهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ وَالِانْتِشَارُ مِمَّا لَا يَمْلِكُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ أَكْرَهَهَا هُوَ عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا إجْمَاعًا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْجِنَايَةِ الْكَامِلَةِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ بِجِنَايَةٍ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يَرْفَعُ الْمَأْثَمَ وَالْكَفَّارَةُ تَجِبُ لِرَفْعِ الْمَأْثَمِ وَلَا إثْمَ هَا هُنَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا ابْتَدَأَ الْجِمَاعَ وَقَدْ نَوَى الصَّوْمَ لَيْلًا.
أَمَّا إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ ثُمَّ نَوَى بَعْدَ ذَلِكَ وَجَامَعَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ
لَا يَجِبُ التَّكْفِيرُ بِالْإِفْطَارِ ... إذَا نَوَى الصَّوْمَ مِنْ النَّهَارِ
لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ وَالِاخْتِلَافُ يُورِثُ شُبْهَةً وَالْكَفَّارَةُ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَلَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ مُكْرَهَةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا فَإِنْ طَاوَعَتْهُ فِي وَسَطِ الْجِمَاعِ لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا لِأَنَّهَا طَاوَعَتْهُ بَعْدَمَا صَارَتْ مُفْطِرَةً وَلَوْ طَاوَعَتْ زَوْجَهَا أَوْ غَيْرَهُ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ حَاضَتْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا إذَا مَرِضَتْ.
وَقَالَ زُفَرُ لَا تَسْقُطُ عَنْهَا وَكَذَا إذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ مَرِضَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ سَافَرَ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنْ جَرَحَ نَفْسَهُ فَمَرِضَ مِنْهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ مَا يُتَغَذَّى بِهِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى التَّغَذِّي قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَنْ يَمِيلَ الطَّبْعُ إلَى أَكْلِهِ وَتَنْقَضِي بِهِ شَهْوَةُ الْبَطْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ مَا يَعُودُ نَفْعُهُ إلَى صَلَاحِ الْبَدَنِ وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا مَضَغَ لُقْمَةً ثُمَّ أَخْرَجَهَا ثُمَّ ابْتَلَعَهَا فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ وَعَلَى هَذَا الْوَرَقُ الْحَبَشِيُّ وَالْحَشِيشَةُ وَالْقِطَاطُ إذَا أَكَلَهُ فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْبَدَنِ وَرُبَّمَا يَضُرُّهُ وَيَنْقُصُ عَقْلُهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَجِبُ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَمِيلُ إلَيْهِ وَتَنْقَضِي بِهِ شَهْوَةُ الْبَطْنِ.
وَلَوْ أَكَلَ قَوَائِمَ الذُّرَةِ الَّذِي يُسَمُّونَهُ الْمَضَارَّ قَالَ الزَّنْدُوسِيُّ أَرَى أَنَّ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ لِأَنَّ فِيهِ حَلَاوَةً وَيَلْتَذُّ بِهِ كَذَا قَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَإِنْ أَكَلَ الطِّينَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ إلَّا إذَا أَكَلَ الطِّينَ الْأَرْمَنِيَّ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْعُيُونِ وَإِنْ أَكَلَ الْمِلْحَ إنْ كَانَ قَلِيلًا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute