الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ وَأَدَاءُ الْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَيَكُونُ الْإِحْرَامُ لَهَا مِنْ الْحِلِّ لِيَتَحَقَّقَ نَوْعُ سَفَرٍ وَهُوَ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَالْأَفْضَلُ مِنْ التَّنْعِيمِ وَإِنَّمَا سُمِّيَ التَّنْعِيمُ لِأَنَّ عَنْ يَمِينِهِ جَبَلًا يُسَمَّى نُعَيْمٌ وَعَنْ يَسَارِهِ جَبَلٌ يُسَمَّى نَاعِمٌ وَالْوَادِي نُعْمَانُ وَلَوْ تَرَكَ الْمَكِّيُّ مِيقَاتَهُ وَأَحْرَمَ لِلْحَجِّ فِي الْحِلِّ وَلِلْعُمْرَةِ فِي الْحَرَمِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ اغْتَسَلَ أَوْ تَوَضَّأَ وَالْغُسْلُ أَفْضَلُ) سَوَاءٌ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا وَالْغُسْلُ هُنَا لِلنَّظَافَةِ لَا لِلطَّهَارَةِ حَتَّى أَنَّهُ تُؤْمَرُ بِهِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَسُمِّيَ الْإِحْرَامُ لِأَنَّهُ يُحَرِّمُ الْمُبَاحَاتِ قَبْلَهُ مِنْ الطِّيبِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَبِسَ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ أَوْ غَسِيلَيْنِ) وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ مِنْ الْآثَامِ وَلِهَذَا قَدَّمَهُ الشَّيْخُ عَلَى الْغَسِيلِ وَإِنْ لَبِسَ ثَوْبًا وَاحِدًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ غَيْرِ الْمَخِيطِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ثَوْبَيْنِ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ لُبْسِ الْمَخِيطِ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ (قَوْلُهُ وَمَسَّ طِيبًا إنْ كَانَ لَهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ مِنْ سُنَنِ الزَّوَائِدِ وَلَيْسَ مِنْ سُنَنِ الْهَدْيِ وَلَا يَضُرُّ أَثَرُ الطِّيبِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُكْرَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ بِمَا يَبْقَى عَيْنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ قُلْنَا ابْتِدَاءُ الطِّيبِ حَصَلَ مِنْ وَجْهٍ مُبَاحٍ فَالْبَقَاءُ عَلَيْهِ لَا يَضُرُّهُ كَالْحَلْقِ وَلِأَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ التَّطَيُّبُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ لِلْبَقَاءِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي لُبْسِ الْقَمِيصِ إذَا لَبِسَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ لَمْ يَخْلَعْهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْفَاتِحَةَ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ الْفَاتِحَةَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمَعْنَى بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة: ٤٥] وَيَسْأَلُ اللَّهَ الْإِعَانَةَ وَالتَّوْفِيقَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ (قَوْلُهُ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي) وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ هَذَا الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لِأَنَّ الْحَجَّ يُؤَدَّى فِي أَزْمِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَأَمَاكِنَ مُتَبَايِنَةٍ فَلَا يَعْرَى عَنْ الْمَشَقَّةِ فَيَسْأَلُ اللَّهَ التَّيْسِيرَ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُلَبِّي عَقِيبَ صَلَاتِهِ) فَإِنْ لَبَّى بَعْدَمَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ جَازَ وَلَكِنْ الْأَوَّلُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا بِالْحَجِّ نَوَى بِتَلْبِيَتِهِ الْحَجَّ) لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ. .
(قَوْلُهُ وَالتَّلْبِيَةُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك) وَهَذِهِ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا مِنْ سَوْقِ الْهَدْيِ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ التَّلْبِيَةِ تَسْبِيحٌ أَوْ تَهْلِيلٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَنَوَى بِهِ الْإِحْرَامَ صَارَ مُحْرِمًا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخِلَّ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ) لِأَنَّهَا تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّفَاقِ الرُّوَاةِ فَلَا يُنْقِصُ مِنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ زَادَ فِيهَا جَازَ) يَعْنِي بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا أَمَّا فِي خِلَالِهَا فَلَا وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَزِيدُ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا لَبَّيْكَ تَعَبُّدًا وَرِقًّا (قَوْلُهُ فَإِذَا لَبَّى فَقَدْ أَحْرَمَ) يَعْنِي لَبَّى وَنَوَى لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَتَأَدَّى إلَّا بِالنِّيَّةِ فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ مَا لَمْ يَأْتِ بِالتَّلْبِيَةِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ الذِّكْرِ.
(قَوْلُهُ فَلْيَتَّقِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ الرَّفَثِ وَالْفُسُوقِ وَالْجِدَالِ) الرَّفَثُ الْجِمَاعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] وَقِيلَ هُوَ الْكَلَامُ الْفَاحِشُ بِحَضْرَةِ النِّسَاءِ وَأَصْلُ الرَّفَثِ الْفُحْشُ وَالْقَوْلُ الْقَبِيحُ وَالْفُسُوقُ جَمِيعُ الْمَعَاصِي وَهِيَ فِي حَالَةِ الْإِحْرَامِ أَشَدُّ حُرْمَةً وَالْجِدَالُ أَنْ تُجَادِلَ رَفِيقَك حَتَّى تُغْضِبَهُ أَوْ يُغْضِبَك (قَوْلُهُ وَلَا يَقْتُلُ صَيْدًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ٩٥] أَيْ وَأَنْتُمْ مُحْرِمُونَ وَحُرُمٌ جَمْعُ حَرَامٍ وَالصَّيْدُ هُوَ كُلُّ حَيَوَانٍ مُمْتَنِعٍ مُتَوَحِّشٍ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ مَأْكُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute