وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَوْلُهُ وَيَدْعُو اللَّهَ بِحَاجَتِهِ إنَّمَا ذَكَرَ الدُّعَاءَ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ لِأَنَّ الِاسْتِلَامَ حَالَةَ ابْتِدَاءِ الْعِبَادَةِ وَهَذَا حَالَةَ خَتْمِهَا فَإِنَّ خَتْمَ الطَّوَافِ بِالسَّعْيِ وَالدُّعَاءِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعِبَادَةِ لَا عِنْدَ ابْتِدَائِهَا كَمَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ الدُّعَاءُ مُسْتَجَابٌ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فِي الطَّوَافِ وَعِنْدَ الْمُلْتَزَمِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَعَلَى الصَّفَا وَعَلَى الْمَرْوَةِ وَفِي السَّعْيِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ وَفِي عَرَفَاتٍ وَفِي الْمُزْدَلِفَةِ وَفِي مِنًى وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ فَمَحْرُومٌ مَنْ لَا يَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ خَتْمَةً فِي الطَّوَافِ.
(قَوْلُهُ وَيَنْحَطُّ نَحْوَ الْمَرْوَةِ وَيَمْشِي عَلَى هِينَتِهِ) أَيْ عَلَى السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ وَيَقُولُ فِي سَعْيِهِ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إنَّك أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ وَاهْدِنِي لِلَّتِي هِيَ أَقُومُ فَإِنَّك تَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَإِذَا بَلَغَ إلَى بَطْنِ الْوَادِي سَعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ) وَهُمَا عَلَامَتَانِ لِمَوْضِعِ الْهَرْوَلَةِ وَهُمَا شَيْئَانِ مَنْحُوتَانِ مِنْ جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا أَنَّهُمَا مُنْفَصِلَانِ عَنْ الْجِدَارِ وَسَمَّاهُمَا أَخْضَرَيْنِ عَلَى طَرِيقِ الْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَأَحَدُهُمَا أَخْضَرُ وَالْآخَرُ أَحْمَرُ وَلَمْ يَكُنْ الْيَوْمُ بَطْنَ وَادِي لِأَنَّهُ قَدْ كَبَسَتْهُ السُّيُولُ فَجُعِلَ هُنَاكَ مِيلَانِ عَلَامَةً لِمَوْضِعِ الْهَرْوَلَةِ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ بَطْنُ الْوَادِي (قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِي الْمَرْوَةَ) بِإِسْكَانِ الْيَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ نُصِبَ لَأَفْهَمَ أَنَّ السَّعْيَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا) يَعْنِي مِنْ التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالدُّعَاءِ وَالرَّفْعِ (قَوْلُهُ وَهَذَا شَوْطٌ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ فَيَطُوفُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَبْتَدِئُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ) احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ يَبْتَدِئُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالصَّفَا فَيَكُونُ عَلَى قَوْلِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَرَّةً وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ يُقِيمُ بِمَكَّةَ حَرَامًا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ كُلَّمَا بَدَا لَهُ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الصَّلَاةَ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ» وَالصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَكَذَا الطَّوَافُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْعَى عَقِيبَ هَذِهِ الْأَطْوِفَةِ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا يَجِبُ إلَّا مَرَّةً وَالتَّنَفُّلُ فِيهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَإِنَّمَا قَالَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ كُلَّمَا بَدَا لَهُ لِيُنَبِّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ لِلْغُرَبَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلِأَهْلِ مَكَّةَ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْهُ لِأَنَّ الْغُرَبَاءَ يَفُوتُهُمْ الطَّوَافُ إذَا رَجَعُوا إلَى بِلَادِهِمْ وَلَا تَفُوتُهُمْ الصَّلَاةُ وَأَهْلُ مَكَّةَ لَا يَفُوتُهُمْ الْأَمْرَانِ وَعِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَيُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ) وَهُمَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ أُسْبُوعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ سَوَاءٌ انْصَرَفَ عَنْ وَتْرٍ أَوْ شَفْعٍ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ مَرْتَبَتَانِ عَلَى الطَّوَافِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُكْرَهُ إذَا انْصَرَفَ عَنْ وَتْرٍ نَحْوَ أَنْ يَنْصَرِفَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ أَمَّا فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ إجْمَاعًا وَيُؤَخِّرُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إلَى وَقْتٍ مُبَاحٍ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ خَطَبَ الْإِمَامُ النَّاسَ خُطْبَةً) يَعْنِي يَوْمَ السَّابِعِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ.
وَفِي النِّهَايَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ هُوَ الْيَوْمُ الثَّامِنُ (قَوْلُهُ يُعَلِّمُ النَّاسَ فِيهَا الْخُرُوجَ إلَى مِنًى وَالْوُقُوفَ بِعَرَفَاتٍ وَالْإِفَاضَةَ) وَإِنَّمَا جَمَعَ عَرَفَاتٍ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ وَبَيْنَ مَكَّةَ وَعَرَفَاتٍ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ وَسُمِّيَ مِنًى لِمَا يُمْنَى فِيهِ مِنْ الدِّمَاءِ أَيْ يُرَاقُ وَهِيَ قَرْيَةٌ فِيهَا ثَلَاثَةُ سِكَكٍ بَيْنهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ فَرْسَخٌ وَهِيَ مِنْ الْحَرَمِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهَا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَالْمَبِيتُ بِهَا سُنَّةٌ وَفِي الْحَجِّ ثَلَاثُ خُطَبٍ أَوَّلُهَا هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ خُطْبَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْجُمُعَةِ وَالثَّالِثَةُ بِمِنًى يَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ خُطْبَةً وَاحِدَةً بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ خُطْبَتَيْنِ بِيَوْمٍ.
وَقَالَ زُفَرُ يَخْطُبُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ النَّحْرِ وَكُلُّ هَذِهِ الْخَطْبُ بَعْدَ الزَّوَالِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ إلَّا يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنَّ الْخُطْبَتَيْنِ فِيهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ جَازَ وَيُكْرَهُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ إذَا تَرَكَ الْخُطْبَةَ فِيهَا أَوْ خَطَبَ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا صَلَّى الْفَجْرَ بِمَكَّةَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ خَرَجَ إلَى مِنًى فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَجْرَ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ) وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَرَجَ إلَى مِنًى بَعْدَ طُلُوعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute